كتاب الزكاة
  الإمام لتملك شيء منها، فكذلك الأرض الموات، والمعنى أن كل واحد منهما(١) مباح في الأرض.
  فإن امتنعوا من وصف الأرض الموات أنها مباحة لم ينفعهم، وذلك أنا نريد(٢) بالمباح أنه منتفع به لم يملكه آدمي. على أن كل ما يمكن الاستدلال به على أن الأشياء على الإباحة يدل على أن الأرض الموات مباحة، فإن قاسوها على الغنائم بعلة ثبوت الحقوق فيها لم يصح؛ لأنا لا نسلم أن في الأرض الموات حقاً لأحد، على أنه لو كان فيها حقوق على ما ادعوا لوجب أن تكون الحقوق تنقطع بالإحياء؛ لقوله ÷: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له»؛ لأنه ÷ قد جعلها لمن أحياها، فيكون بذلك قد قطع حقوق الغير عنها لو كانت.
  فإن قيل: فأنتم لا تجعلون قول النبي ÷: «من قتل قتيلاً فله سلبه»(٣) قطعاً لحقوق الغانمين، وتجعلونه خارجاً على سبب، وتذهبون إلى أن الإمام إن لم يكن قال ذلك في الحرب لم يكن السلب للقاتل، فيجب أن تقولوا فيما اختلفنا فيه بمثل ذلك.
  قيل له: لولا قيام الدلالة في القاتل أنه لا يستحق لكان هذا العموم الذي ذكرتموه يوجبه ويقتضيه، لكن دلت الدلالة على أنه خاص على ما نبينه في كتاب السير، وأن ذلك لا يجب إلا بقول الإمام عند المحاربة لأقوام بأعيانهم.
  واشترطنا ألا يكون ملكها أحد قبله لأنه إذا ملكها مالك قبله يكون سبيلها سبيل سائر الأموال المتملكة؛ ولقول الله تعالى: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ}[النساء: ٢٩]، ولقول النبي ÷: «لا يحل مال امرئ
(١) في (د): منها.
(٢) في (ب، ج): أن ما نريد.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٧٨)، والبخاري (٤/ ٩٢)، والترمذي (٣/ ١٨٤).