شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 136 - الجزء 2

  مسلم إلا بطيبة من نفسه»⁣(⁣١).

  وقلنا: إن من تحجر محجراً فهو أولى به ما لم يضيع ثلاث سنين، فإن ضيعها كان الأمر فيه إلى الإمام لأنه يحصل له بالتحجر مزية على غيره، فيكون أولى بما تحجر، كما أن من جلس في مقعد من السوق يكون أولى به إلا أن يقوم؛ للمزية التي حصلت له، وكذلك من سبق إلى موضع من المسجد يكون أولى به للعبادة.

  واشترطنا ثلاث سنين لما روي عن عمر أنه قال: «ليس لمتحجر بعد ثلاث سنين حق»⁣(⁣٢) ولم يرو فيه عن أحد من الصحابة خلافه، فجرى مجرى الإجماع.

  قال أبو العباس الحسني |: وأظنه عن علي #.

  وقلنا: إن أمره إلى الإمام لأن الحق الذي حصل له بالتحجر لا يقطعه إلا الإمام، كسائر الحقوق التي يحتاج فيها إلى القطع، لا بد فيها من الإمام أو من يقوم مقامه.

  فإن قيل: هلا استدللتم بقول عمر: «ليس لمتحجر حق بعد ثلاث سنين» على أنها قد عادت إلى الإباحة، وهلا قلتم: إنه لا يحتاج إلى إذن الإمام بعمارتها⁣(⁣٣)؟

  قيل له: لأن الحق المنفي هو التملك؛ لأنا نعلم أن المزية الحاصلة لم تنتف؛ ولأنه لا خلاف أنه يكون أولى بعمارتها، أو يدفعها إلى غيره ليعمرها.

  وقد حكى يحيى # في الأحكام⁣(⁣٤)، عن قوم أنهم قالوا: إن غيره لو عمرها كان له ذلك، إلا أنه حقق في المنتخب أن الأمر فيها إلى الإمام إذا كانت الحال هذه.


(١) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٤٢٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٦٦).

(٢) رواه أبو يوسف في كتاب الخراج (٦٥).

(٣) في (أ، ب، ج): لعمارتها.

(٤) الأحكام (١/ ١٧٢).