باب القول فيما يؤخذ من أهل الذمة
  جده، عن علي $ أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وأربعين درهماً، وعلى الأوساط أربعة وعشرين درهماً، وعلى الفقراء اثني عشر درهماً.
  وأيضاً روي عن عمر أنه وضع الجزية على أهل السواد، وجعلهم ثلاث طبقات، على نحو ما ذكرنا، وذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير أحد منهم، فجرى ذلك مجرى الإجماع منهم.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷: «أنه أخذ من أيلة - وكانوا ثلاثمائة - ثلاثمائة دينار»(١).
  وروي أنه قال لمعاذ: «خذ من كل حالم ديناراً»(٢).
  قيل له: يحتمل أن يكون النبي ÷ علم أن هؤلاء المأخوذ منهم كانوا فقراء، فأمر أن يؤخذ من كل واحد منهم دينار، وهكذا نقول: إن الفقير منهم لا يؤخذ منه أكثر من دينار، ويحتمل أن يكون ذلك على وجه المصالحة، كما(٣) روي أن النبي ÷ أمر أن يؤخذ من كل حالم وحالمة دينار.
  وروي عن الحسن قال: بلغني أن النبي ÷ فرض على أهل اليمن في كل عام على كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد ديناراً أو قيمته من المعافرية(٤)، ومعلوم أن المرأة لا يؤخذ ذلك منها إلا على سبيل الصلح.
  فإذا احتمل ما ذكرناه من الوجهين، وصح عن علي # ما ذكرناه في هذا الباب، وعن عمر أنه فعل ذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير منهم - بان أن الواجب فيه ما ذكرناه.
  فإن قيل: ما ذكرتم في الوجه الأول حين تأولتم أخذ الدينار من كل واحد
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣٢٨)، وعبدالرزاق في المصنف (٦/ ٨٦).
(٢) أخرجه أبو داود (١/ ٤٦٢)، والترمذي (٢/ ١٣).
(٣) لعلها: لما.
(٤) رواه ابن زنجويه في كتاب الأموال (١/ ١١٠).