باب القول في كيفية أخذ الزكاة
باب القول في كيفية أخذ الزكاة
  يجب على المصدق(١) ألا ينزل على أحد ممن يأخذ منه الصدقة، ولا يأخذ منه الهدية، فإن قبل شيئاً من ذلك فهو لبيت مال المسلمين، إلا أن يطلقه له الإمام لضرب من الصلاح. وكذلك حكم جميع عمال الأئمة.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  وجه منعنا نزول المصدق على أهل الصدقات: أن نزوله لا يخلو من أن يكون طوعا من أرباب الأموال أو كرهاً، ولا يجوز أن ينزل عليهم كرهاً؛ لأنه لا حق عليهم سوى ما يؤخذ.
  وروى ابن أبي شيبة يرفعه إلى من سمع الحسن يقول: قال نبي الله: «من أدى زكاة ماله أدى الحق الذي عليه»(٣).
  وقال ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».
  ولا يجوز أن ينزل عليهم طوعاً؛ لأنه يتهم؛ ولهذا يجب على القضاة الامتناع من حضور دعوات المتداعيين وقبول الهدايا منهم.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «ما بال أقوام نبعثهم فيجيئون فيقولون: هذا لي وهذا لك؟ أفلا جلس في بيت أبيه»(٤)، وعن أمير المؤمنين #: (هدايا الأمراء غلول)، وكل ذلك يصحح ما ذهبنا إليه.
  وقلنا: إنه يرد العامل إن كان قبل من ذلك شيئاً إلى بيت مال المسلمين لأنه أعطي ما أعطي لمعنى الولاية، فلا يصير ملكاً له، ولقول أمير المؤمنين #: (هدايا الأمراء غلول)، والغلول اسم لما غل من بيت المال.
(١) في المخطوطات: للمصدق.
(٢) الأحكام (١/ ١٦٧، ١٦٨).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٥٤).
(٤) أخرجه البخاري (٩/ ٧٠)، ومسلم (٣/ ١٤٦٣).