شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 151 - الجزء 2

  العادة، فكان تمليكنا إياها لهم جارياً مجرى الاستهلاك، فلم يكره ذلك، والأرضون لا تستهلك، بل يتأبد بقاؤها، فكره تمليكنا إياها لهم؛ لأنه يؤدي إلى أن تبطل الحقوق الواجبة في زرعها مع تأبد بقائها.

  يؤكد ذلك أنه قد أخذ علينا التوصل إلى الاحتياط للفقراء؛ ألا ترى أنه قد أخذ علينا ضم الذهب إلى الفضة لوجوب الزكاة؟

  وكذلك نقول في البقر إذا بلغت مبلغاً يصح أن يؤخذ منه المسان والتبائع: أخذت المسان؛ احتياطاً للفقراء، ونقول أيضاً في العلتين والخبرين والاستعمالين إذا تقابلا وأحدهما موجب للزكاة والآخر مسقط: إن الموجب أولى، فإذا ثبت أن الاحتياط للفقراء مأخوذ علينا في باب الصدقات كان وجهاً لكراهة ما أدى إلى إبطال حقوقهم. ومما يزيد ذلك وضوحاً أنه لا خلاف فيمن تحجر محجراً على أرض ثم عطلها ثلاث سنين أن للإمام أن يدفعها إلى غيره ليعمرها إن أبى هو عمارتها؛ لرجوع عائدتها إلى المسلمين، فلما كان تثمير ما يرجع نفعه إلى المسلمين مأخوذاً على الإمام وضح ما ذهبنا إليه من كراهة ما يبطل النفع العائد⁣(⁣١) على⁣(⁣٢) فقرائهم.


(١) في (أ، ب، ج): والعائد.

(٢) في (ب، د): إلى.