شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية أخذ الزكاة

صفحة 154 - الجزء 2

  مِّنكُمْۖ}⁣[النساء: ٢٩]، وعموم الآيتين يقتضي جواز ما ذكرناه.

  ويدل على ذلك ما أخبرنا به أبو الحسين البروجردي، قال: حدثنا سفيان بن هارون القاضي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن النبي ÷: «لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله، أو أهديت له، أو عامل عليها، أو غاز في سبيل الله، أو غارم».

  وهذا عام في كل من اشتراها من صاحبها أو غيره، ولا خلاف أنه يجوز أن ترجع عليه بالإرث.

  وروى أبو داود في السنن قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا عبدالله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، أن امرأة أتت النبي ÷ فقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة، وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة. فقال: «قد وجب أجرك، ورجعت إليك في الميراث»⁣(⁣١)، فلما جاز رجوعها إليها بالإرث جاز رجوعها بالشراء والهبة؛ قياساً على سائر الأموال، والعلة أنها رجعت إليها بوجه يوجب التمليك الصحيح.

  وأيضاً لا خلاف أنه يجوز بيعها من غير المتصدق بها، فكذلك يجوز بيعها منه، والعلة أنه يجوز بيعها من المسلمين ولم يختص بها مسلم دون مسلم. ويجوز أن يقال فيها: إنه عقد بيع بين جائزي الأمر فيما يصح بيعه.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال لعمر: «لا تعد في صدقتك». حين أراد ابتياع فرس كان حمل عليه في سبيل الله⁣(⁣٢).

  قيل له: يجوز أن يكون قال ذلك خشية من المحاباة التي ربما تقع لمشتريها إذا⁣(⁣٣) كان هو المتصدق بها، أو لأمر خاص اختصت به تلك الصدقة بعينها؛


(١) سنن أبي داود (١/ ٤٨٧).

(٢) أخرجه البخاري (٢/ ١٢٧)، ومسلم (٣/ ١٢٤٠).

(٣) في (ب): إن. وفي (د): إذ.