باب القول في كيفية أخذ الزكاة
  والأصل فيه ما روي أن النبي ÷ قال لمعاذ: «أعلمهم أن عليهم في أموالهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم».
  وروى أبو داود في السنن أن عمران بن حصين بعثه بعض الأمراء على الصدقة، فلما رجع قال لعمران بن حصين: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني؟ أخذناها من حيث كنا نأخذ على عهد رسول الله ÷ ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله ÷(١).
  فنبه بذلك على أن التفرقة كانت حيث كان الأخذ، وأن ذلك هو المعمول به على عهد رسول الله ÷. وروي: «من انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته في مخلاف عشيرته»(٢).
  وقلنا: «إلا أن يرى الإمام ذلك صلاحاً» لأنه الناظر في أمور المسلمين، والقاسم للصدقة والفيء على ما فيه صلاحهم.
مسألة: [في إخراج صاحب المال لزكاته قبل أن يأتي لها المصدق]
  قال: ولو أن قوماً أبطأ عنهم المصدق فأخرجوا صدقاتهم إلى مستحقيها من الفقراء أجازه المصدق بعد أن يعلمهم إن عادوا لمثله لم يجزه لهم، فإن عادوا إلى مثل ذلك لم يجزه لهم، وأخذهم بإعادة الصدقة، وإذا ادعوا في أول الأمر أنهم قد أخرجوها بحث المصدق عن ذلك وطلب البينة، فإن صح ذلك وإلا طالبهم بها وأخذها منهم.
  جميع ذلك منصوص عليه في الأحكام(٣).
  ووجه ما ذكرنا من أن المصدق يجيز ذلك: هو أن المصدق إذا تأخر عنهم ولم يكن قد قدم إليهم بانتظار المصدق يكون حالهم حال الذين لا إمام لهم، أو حال
(١) سنن أبي داود (١/ ٤٧٨).
(٢) رواه البيهقي في السنن (٧/ ١٥).
(٣) الأحكام (١/ ٢٠١).