باب القول في كيفية أخذ الزكاة
  أن النبي ÷ تعجل من العباس صدقة عامين.
  وروى ابن أبي شيبة أن رسول الله ÷ بعث ساعياً على الصدقة، فأتى العباس، فقال له العباس: إني أسلفت صدقة مالي لسنتين، فأتى النبي ÷ فأخبره، فقال: «صدق عمي»(١).
  وروى أبو داود بإسناده في السنن يرفعه إلى حُجَيَّة، عن علي # أن العباس | سأل النبي ÷ في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك(٢).
  فكل ذلك يدل على ما ذهبنا إليه من جواز تعجيل الزكاة.
  ويدل على ذلك قول الله سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}[التوبة: ١٠٤]، {وَأَقِيمُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ اُ۬لزَّكَوٰةَ}[البقرة: ٤٢] من غير تقييد لوقت.
  وهو قبل الحول مقيس عليه بعد الحول في جواز إخراج الزكاة، والمعنى حصول النصاب فمن حصل النصاب، جاز له إخراج زكاته.
  وإن شئت قلت: حصول سبب الزكاة. ولا ينتقض ذلك بحصول الحول من غير كمال النصاب؛ لأن الحول شرط في نفس وجوب الزكاة، وليس هو السبب الموجب لها، بل السبب الموجب لها هو النصاب.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا زكاة في ملك حتى يحول عليه الحول».
  قيل له: المراد لا زكاة تجب وجوباً مضيقاً حتى يحول عليه الحول، بدلالة ما روي من استلافه ÷ صدقة عمه العباس.
  فإن قيل: لا خلاف أنها لا تجزي قبل النصاب، فكذلك قبل الحول، والمعنى أنهم يعنون الحول والنصاب شرطا الزكاة، أو قاسوها على الصلاة والصوم في أن تعجيلهما لا يجوز؛ بعلة أنهما عبادة وجبت ابتداء، فكذلك الزكاة.
(١) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٧٤، ٣٧٧).
(٢) سنن أبي داود (١/ ٤٧٧، ٤٧٨).