كتاب الزكاة
  قلنا: في ذلك أجوبة: أحدها: أنا نقول: إن هذه القياسات باطلة؛ لأنها تدفع النص الذي روي في صدقة العباس.
  والثاني: أنا لا نسلم أن النصاب شرط في وجوب الزكاة، بل نجعل النصاب سبباً موجباً لها، ونجعل الحول شرطاً لتضيق وجوبها، فلا نسلم علتهم.
  وأما الصلاة فيجوز تعجيلها في أول وقتها، وعندنا أن النصاب إذا حصل كان ذلك أول وقت وجوب الزكاة على ما حكيناه في صدر المسألة عن أبي العباس الحسني ¥.
  فإن قيل: لا يصح قولكم: إنها تجب عند حصول النصاب؛ لأن ما جاز أن يفعل وجاز أن لا يفعل لا يكون واجباً.
  قيل له: نقول في ذلك ما نقول في أول وقت الصلاة؛ ألا ترى أنها وإن جاز تأخيرها إلى آخر الوقت لا تخلو من أن تكون واجبة في أول الوقت، إلا أن ذلك الوجوب يكون وجوباً موسعاً، ويكون الإنسان مخيراً فيه بين أن يفعلها أو يفعل ما يقوم مقامها من العزم على فعلها، فقد بان لك أن جوابنا في الصلاة وفي الزكاة في أول وقتيهما على حد واحد. على أن عللهم لو سلمت كانت معارضة بعلتنا، ويسلم لنا ما رويناه في صدقة العباس، أو ترجح علتنا بأنها تقتضي الإيجاب للفقراء، وبأنها تفيد حكماً شرعياً عند حصول النصاب، فتقتضي(١) وجوباً وإن كان موسعاً.
  وقد قالوا هم أيضاً: إنها إذا لم تجب في أول الحول كان نفلاً، والنفل لا يسقط الفرض، وهذا غير لازم على ما بيناه من أنها تجب في أول الحول وجوباً موسعاً، على أنا لو سلمنا ما ادعوه من أنها في أول الحول نفل لم يجب ما ذكروه من أن النفل لا يسقط الفرض، بل ذلك غير ممتنع إذا دل الدليل عليه.
(١) في (أ، ب، ج): وتقتضي.