شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صدقة الفطر

صفحة 182 - الجزء 2

  رسول الله ÷ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين⁣(⁣١).

  فدل على أنها تختص من كان من أهل الطهرة، والكافر ليس من أهل الطهرة ولا من أهل الصيام، فثبت أنه لا يجب أداؤها عنه.

  وليس لأحد أن يقول: إن هذا قول ابن عباس، ويجوز أن يكون رأياً رآه؛ لأنه أخبر عن الوجه الذي من أجله فرض رسول الله ÷، وذلك مما ليس للرأي فيه مجال، بل لا يجوز أن يكون قال ذلك إلا توقيفاً.

  فإن قيل: روي أن النبي ÷ فرض صدقة الفطر صاعاً من شعير أو تمر، على الصغير والكبير، والحر والمملوك⁣(⁣٢). وعمومه يوجب أداؤها عن المملوك الكافر.

  قيل له: هذا مخصوص بما ذكرناه، وبما نذكره من القياس، وهو أنه لا خلاف أن الكافر لا يؤدي عن نفسه، فكذلك عن العبد الكافر، والمعنى أنه كافر، فكل كافر لا تؤدى عنه الفطرة. وكذلك لا خلاف أنه لا يؤديها عن أبيه الذمي الفقير الذي يمونه إذا كان كافراً.

  وإن شئت قلت: إنه ليس من أهل الطهرة عل وجه من الوجوه. وليس يلزم عليه الطفل؛ لأنه من أهل الطهرة حكماً.

  ويقاس على عبد التجارة إذا كان كافراً؛ إذ لا خلاف أنه لا يؤدى عنه زكاة الفطر؛ والعلة ما تقدمت.

  فإن قيل: إذا كان المولى هو المؤدي، وهو الذي تلزمه الزكاة عن العبد دون العبد، فوجب⁣(⁣٣) أن يكون المعتبر به هو المولى دون العبد، كما أن المولى هو المعتبر


(١) سنن أبي داود (١/ ٤٧٣).

(٢) أخرجه البخاري (٢/ ١٣٢)، وأبو داود (١/ ٤٧٤).

(٣) لعلها: وجب.