باب القول في صدقة الفطر
مسألة: [في المستحب يوم عيد الفطر]
  قال: ويستحب أن يتناول المخرجون لها قبل إخراجها شيئاً، ثم يخرجونها قبل صلاة العيد، وليس يضيق على من أخرها إلى آخر النهار، والمستحب هو التعجيل.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  ووجهه: أن تعجيل الإفطار فيه مستحب.
  وأخبرنا أبو الحسين البَرُوْجِرْدِي، قال: حدثنا أبو القاسم البغوي، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا مندل، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن ابن عباس، قال: إن من السنة أن تطعم قبل أن تخرج يوم الفطر، ولو لقمة أو تمرة.
  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن أنس قال: كان النبي ÷ لا يصلي حتى يفطر ولو على شربة من ماء(٢).
  وروي عن أمير المؤمنين علي # أنه كان يفطر قبل أن يصلي صلاة العيد(٣). فلما استحب تقديم الإفطار على صلاة العيد استحب تقديمه على زكاة الفطر؛ لأن كل واحد منهما قربة تختص يوم الفطر.
  واستحب تعجيل زكاة الفطر بعد ذلك لأن الواجب قد حصل بالاتفاق، فلا غرض في التأخير؛ ولأنه مسارعة إلى الخير والبر، وقد مدح الله تعالى قوماً بذلك، فقال عز من قائل: {أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِے اِ۬لْخَيْرَٰتِ وَهُمْ لَهَا سَٰبِقُونَۖ ٦٢}[المؤمنون].
  ولم نضيق تأخيرها لأن وجوبها متعلق بالنهار أجمع؛ لما روي: «فرض الصدقة يوم الفطر»، ولقوله ÷: «أغنوهم في هذا اليوم»، فدل ذلك على أن فعلها في اليوم أجمع، ولا خلاف في جوازها أول النهار، فكذلك آخره، والمعنى أنه يوم الفطر.
(١) الأحكام (١/ ٢٠٥).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٤٨).
(٣) أخرج نحوه الدارقطني في السنن (٢/ ٣٧٩).