شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صدقة الفطر

صفحة 190 - الجزء 2

  والأصل فيه هذه الأخبار التي تقدمت، ومنها: ما أخبرنا به أبو الحسين البروجردي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الدينوري، قال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي، عن محمد بن خالد بن عثمان، قال: حدثنا كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله ÷ قال: «زكاة الفطر صاع من شعير، أو صاع من زبيب، أو صاع من تمر، أو صاع من إقط»، فنص على هذه الأجناس الأربعة، وعلى أن الواجب من كل واحد منها صاع.

  واختلفت الرواية عن أبي حنيفة في الزبيب، فروي صاع، وروي نصف صاع. وما ذكرناه من إيجاب صاع من البر يوجب صاعاً من الزبيب، على أني لم أحفظ عن أحد أنه روى عن النبي ÷ نصف صاع من زبيب، وروي صاع منه، فسقط قول من قال: نصف صاع من زبيب.

  وروي: «أو صاع من ذرة»، رواه محمد بن منصور، قال: حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، قال: حدثنا أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله ÷: «إذا أعطيتم صدقة الفطر فأعطوا نصف صاع من بر، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من ذرة»⁣(⁣١).

  وقلنا: «أو غير ذلك مما يستنفقه المزكون» قياساً على ما وردت هذه النصوص فيه، بمعنى أنه مقتات، فكل مقتات يجوز إخراج زكاة الفطر منه.

  وأيضاً لما كانت جارية مجرى المواساة جعلت مما يستنفقه المزكي، يكشف ذلك أن أكثر اقتيات أهل المدينة لما كان الشعير والتمر ورد أكثر الأخبار فيهما، ثم لما كان البر قوت عامة البلدان ذكر أيضاً في عدة من الأخبار، ثم ذكر في أخبار يسيرة سائر ما يقتات في البلدان النادرة، فدل ذلك على أن المقصد فيها هو المقتات.


(١) أمالي أحمد بن عيسى (٢/ ٣٠٦).