باب القول في قسمة الخمس وفي الذين يوضع فيهم
  فإن قيل: إن الله تعالى قال: {وَلِذِے اِ۬لْقُرْبَيٰ} ولم ينسب القربى إلى أحد، واحتمل أن يكون المراد به قربى الرسول ÷، واحتمل أن يكون المراد به قربى الإمام، واحتمل أن يكون قربى الغانمين، فلا متعلق لكم بظاهره.
  قيل له: هذا الكلام فاسد؛ لأن المسلمين أجمعوا على أن المراد به قربى رسول الله ÷ ولم يختلفوا فيه، وإنما اختلفوا في سهمهم بعد النبي ÷، فادعى قوم أنه بطل بموت رسول الله ÷، وقال قوم: هو باق كما كان، واختلفوا في الوجه الذي أخذوا به، فقال قوم: أخذوه بالفقر، وقال قوم: بل استحقوه وأخذوه مع الغنى والفقر.
  يكشف ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن مطر(١)، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن جبير بن مطعم، قال: لما قسم رسول الله ÷ سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم وبني المطلب، ولم يعط بني أمية شيئاً، فأتيت أنا وعثمان النبي ÷ فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله بك، فما بالنا وبني المطلب، وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد؟ فقال: «إن بني المطلب لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام»(٢).
  ألا ترى أنهما قالا: نحن وهم - يعنيان بني المطلب - في النسب شيء واحد؛ إذ علما أن هذا السهم مستحق بالنسب؛ إذ لو كان استحقاقه بغير النسب لكان كلامهما باطلاً، ثم قول النبي ÷: «إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام» تقرير لهما على ما علم من كون هذا السهم مستحقاً بالنسب؛ لأنه لو لم يكن كذلك لأنكر عليهما، ولعرفهما أن النسب لا مدخل له في هذا الباب، فلما لم ينكر ذلك عليهما، وعرفهما أنه خص بني المطلب للوجه الذي ذكره، صح أن ما
(١) الصواب: محمد بن بحر بن مطر كما في شرح معاني الآثار. (كاشف).
(٢) شرح معاني الآثار (٣/ ٢٣٥، ٢٣٦).