كتاب الزكاة
  إليه، أو يكون النبي ÷ رخص له في أن يفعل في ذلك برأيه، وليس في هذا دليل على أنه لم يعط بني هاشم للقرابة.
  فإن قيل: قوله تعالى: {كَےْ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيْنَ اَ۬لْأَغْنِيَآءِ مِنكُمْۖ}[الحشر: ٧]، يدل على أن لا حظ فيه للغني.
  قيل له: يحتمل أن يكون المراد به أنه تعالى جعل في الخمس سهماً لليتامى، وسهماً للمساكين، وسهماً لابن السبيل؛ لئلا يكون الجميع دولة بين الأغنياء.
  ويحتمل أن يكون المراد به الأغنياء من ذوي القربى ومن سائر الغانمين.
  فإن قاسوه على سهم اليتامى فقالوا: إن سهم اليتامى لما ثبت أنه لا يعطى إلا بالفقر فكذلك سهم ذوي القربى؛ والعلة أنه من سهام الخمس.
  قيل له: هذا منتقض بسهم النبي ÷، فإنه كان يستحقه من غير شرط الفقر. على أنا نقيس سهم ذوي القربى على سهم النبي ÷ فنقول: إنه سهم جعل عوضاً من الصدقات، فوجب ألا يكون الفقر شرطاً في استحقاقه، كسهم النبي ÷. على أن عوض الشيء هو الذي يقوم مقامه، فإذا كان تحريم الصدقات يشمل غني بني هاشم وفقيرهم وجب أن يكون عوضه شاملاً لغني بني هاشم وفقيرهم. على أنه قد روي أن العباس أعطي من سهم ذوي القربى، والعباس كان معروفاً باليسار، حتى روي أنه كان يمون عامة بني عبد المطلب.
  فأما قول من يقول: إن سهم ذوي القربى كان ثابتاً في حياة رسول الله ÷ ثم بطل بموته فقول واهٍ، وذلك أنهم أعطوا للقرابة، والقرابة باقية، فلا معنى لإبطال السهم مع بقاء المقتضي له، وهو القرابة. على أنه لا شك مما جعل شرفاً لرسول الله ÷، فيجب أن يكون ثابتاً بعد موته، قياساً على سائر ما تشرف به من المنع من تزوج أزواجه، وتعظيم أهل بيته، وتحريم الصدقة عليهم، والعلة أنه تشريف للنبي ÷ لا مانع من تأبيده، على أن المسألة إجماع أهل البيت $ وقول أمير المؤمنين #، وما كان كذلك فإنه عندنا حجة لا يجوز خلافه.