شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 226 - الجزء 2

  فلما سأل النبي ÷ عن إسلام كل واحد منهما وسألهما هل أهللتما، دل على أن الحكم تعلق بشهادتهما.

  وروى أبو داود في السنن أن أمير مكة خطب، ثم قال: عهد إلينا رسول الله ÷ أن ننسك لرؤيته، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، ثم قال: وشهد هذا من رسول الله ÷، وأومأ بيده إلى ابن عمر، فقال: بذلك أمرنا رسول الله ÷(⁣١).

  فدل ذلك على أنه أمر إذا لم يكن رؤية أن ننسك بشهادة عدلين. على أن الأصل ألا رؤية، فلا تثبت إلا بما ورد به الشرع، والشرع ورد بما ذكرناه.

  فإن قيل: روي أن ابن عمر قال: «تراءينا الهلال مع النبي ÷، فرأيته أنا، وأخبرته؛ فصام، وأمر الناس بالصيام»⁣(⁣٢) وهذا يدل على أن شهادة الواحد توجب الصوم.

  قيل له: لا يمتنع أن يكون النبي ÷ كان شهد عنده قبله عدل آخر، فتمت الشهادة لما شهد ابن عمر؛ إذ ليس في الخبر أنه لم يكن إلا بشهادته.

  وهكذا الجواب عما روي عن عكرمة، عن ابن عباس، أن أعرابياً أخبر أنه رأى الهلال، فامتحنه النبي ÷ بالشهادتين، ثم أمر الناس بالصيام⁣(⁣٣)؛ إذ ليس في الخبر أيضاً أنه لم يكن إلا شهادته.

  ويؤكد ذلك ما روي عن علي # أنه قال: (إذا شهد ذوا عدل أنهما رأيا الهلال فصوموا وأفطروا)⁣(⁣٤).

  ومن جهة النظر: لا خلاف أن هلال شوال وذي الحجة لا تثبت إلا بشهادة


(١) سنن أبي داود (٢/ ١٦٩، ١٧٠).

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ١٧١)، والدارمي (٢/ ١٠٥٣).

(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ١٧٠)، والترمذي (٢/ ٦٧).

(٤) أخرج نحوه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٣٢٠).