شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 227 - الجزء 2

  عدلين، فكذلك هلال رمضان، والمعنى أنها شهادة على رؤية الهلال.

  فإن قاسوها على شهادة الواحد بزوال النجاسة عن الثوب أنها تجيز الصلاة، فكذلك شهادة الواحد بالرؤية تجيز الصوم على أنه من رمضان؛ لأن كل واحد منهما شهادة بارتفاع المانع من تلك العبادة من غير أن يتعلق بحقوق الآدميين، فإذا حصل الجواز ثبت الوجوب؛ إذ لا قول بعده إلا القول بالوجوب.

  قيل له: قياسنا أولى من وجوه: أحدها: أنه قياس الشيء على جنسه؛ لأنها شهادة رؤية الهلال على شهادة رؤية الهلال، وليس كذلك قياسهم؛ ولأن قياسنا منع الوجوب بغير واسطة، وقياسهم اقتضى الوجوب بالواسطة؛ ألا ترى أنهم أثبتوا الجواز، ثم قالوا: لا قول بعده إلا القول بالوجوب.

  على أن قياسنا نفى الأمرين، أعني الجواز والوجوب، فهو أعم من قياسهم، على أن قياسنا اقتضى الحظر؛ لأنه يمنع الصيام على أنه من رمضان، وقياسهم اقتضى الجواز، ثم تطرقوا إلى إثبات الوجوب، على أن المانع الذي ذكروه لا يحصل بشهادة الواحد بالاتفاق؛ ألا ترى أن الإفطار لا بد فيه من شهادة عدلين، والمانع من أداء الصلاة - وهو النجاسة - يحكم بحصوله بشهادة الواحد؟

  فدل ذلك على أن موضوع رؤية الأهلة طريقه طريق الشهادات، وأنه لا يقبل فيه قول الواحد، وأن موضوع حصول النجاسة وزوالها طريقه الأخبار، فقبل فيه خبر الواحد، يحقق⁣(⁣١) ذلك أن ما ذكرناه أولى.

  فإن قيل: إنما وجب في هلال الفطر وهلال ذي الحجة ألا يقبل فيهما إلا شهادة عدلين لأن حقوق المال تتعلق بهما، وهي زكاة الفطر والأضحية.

  قيل له: ويتعلق بالصوم أيضاً؛ ألا ترى أن زكاة الفطر تتعلق باليوم الواحد والثلاثين من يوم الصوم؟ ولا فصل بين الرؤيتين، إلا أن الزمان بين إحدى


(١) في (ب): فحقق.