شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 235 - الجزء 2

  زكاة وزكاة الجسد الصوم»⁣(⁣١)، وهذا عام في كل صوم إلا ما قام دليله، فصار عموم هذه الظواهر يقتضي أن صوم يوم الشك مستحب.

  ومن المعتمد في هذا الباب ما اشتهر عن أمير المؤمنين # من قوله: (لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان)⁣(⁣٢).

  وروى ابن أبي شيبة عن أم سلمة: أن النبي ÷ كان [يصل شعبان برمضان⁣(⁣٣)، وذلك لا يكون إلا بصوم يوم الشك.

  ولا خلاف أن صوم الشك جائز ومستحب، وإنما الخلاف في جهة صومه، فإن الشافعي يستحبه إذا صام شعبان كله أو وافق ذلك صوماً كان يصومه]⁣(⁣٤)، وأبو حنيفة يستحبه بنية شعبان، فصار استحباب صومه مجمعاً عليه، فإذا ثبت ذلك لم يلزمنا إلا بيان تأويل النهي الوارد فيه، فنقول: هو نهي عن صومه على أنه من رمضان، وعندنا أن صومه على هذا الوجه غير جائز.

  وهو قياس على أول شعبان في أن صومه مستحب، فكذلك يوم الشك، والمعنى أنه يوم من شعبان، فإذا جاز أن يصومه الإنسان موصولاً بما قبله جاز أن يصومه مبتدئاً؛ بعلة أنه يوم من شعبان.

  ويقوي هذه العلة ما وجدنا في الأصول أن الأيام التي منعنا من صومها لم ينفصل حالها بين أن يتقدمها الصوم أولا يتقدمها، فوجب أن يكون يوم الشك أيضاً بهذه المثابة، فلا يكره صيامه ابتداء كما لا يكره استمراراً.

  ومما يؤكد قولنا أنه احتياط، والاحتياط مستحب في جميع العبادات، فوجب أن يستمر في يوم الشك. ويمكن أن يقاس على آخر يوم من رمضان [إذا شك


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٧٤) وفيه: زكاة البدن الصوم.

(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ١٢٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٣٥٨).

(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٨٥).

(٤) ما بين المعقوفين من المطبوع، وفي (أ، ب، ج، د): أن النبي ÷ كان يصومه.