باب القول فيما يستحب ويكره من الصيام
  فدل الخبر على أن للمسافر أن يصوم وأن الصوم أفضل؛ إذ قد نبه على أنه هو الأفضل.
  وروى عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع النبي ÷ يوم فتح مكة [لـ] تسع عشرة أو سبع عشرة من رمضان، فصام الصائمون، وأفطر المفطرون، فلم يعب هؤلاء على هؤلاء، ولا هؤلاء على هؤلاء(١).
  وروى نحوه عن جابر(٢).
  وأخبرنا أبو الحسين البروجردي، قال: حدثنا أبو القاسم البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت مجاهداً يحدث عن ابن عباس قال: لما فتح رسول الله ÷ مكة صام حتى أتى عسفان، ثم أتي بقدح من لبن فأفطر، قال ابن عباس: فمن شاء صام ومن شاء أفطر.
  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع النبي ÷ من مكة إلى حنين في اثنتي عشرة بقيت من رمضان، فصام طائفة من أصحاب النبي ÷ وأفطر الآخرون، فلم يعب ذلك(٣).
  فأخبر أنه ÷ لم يعب على واحد من الفريقين.
  فثبت بهذه الأخبار أن الصوم في السفر جائز، وإذا ثبت الجواز ثبت أنه أفضل؛ لما روي عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه لما سأل النبي ÷ عن الصوم في السفر قال: «إنما هي رخصة من الله تعالى لعباده، فمن قبلها فحسن جميل، ومن تركها فلا جناح عليه». وقد رواه الطحاوي بإسناده(٤).
  فلما أخبر النبي ÷ أن الإفطار رخصة ثبت أن العدول عنها أفضل؛ إذ
(١) شرح معاني الآثار (٢/ ٦٨).
(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ٦٨).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٨١).
(٤) شرح معاني الآثار (٢/ ٧١).