شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 274 - الجزء 2

  شهاب. الحديث إلى قوله: بدت أنيابه.

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا فهد، قال: حدثنا عبدالله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قال: بينا نحن عند النبي ÷ إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، هلكت. فقال له النبي ÷: «ويلك ما لك»؟ فقال: وقعت على امرأتي وأنا صائم في رمضان. فقال له النبي ÷: «هل تجد رقبة تعتقها»؟ قال: لا. فقال: «هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين»؟ فقال: لا. قال: «فهل تجد أن تطعم ستين مسكيناً»؟ فقال: لا. فسكت رسول الله ÷، فبينا نحن كذلك إذ أتي رسول الله ÷ بعرق فيه تمر - والعرق المكتل - فقال ÷: «أين السائل آنفاً؟ خذ هذا وتصدق به». فقال الرجل: ما على وجه الأرض أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها أفقر من أهل بيتي، فضحك رسول الله ÷ حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك»⁣(⁣١). فصار هذا الخبر يقتضي الترتيب ويوجبه، فلما كان أحد الخبرين موجباً للترتيب - ووجوبه مانع من التخيير - والخبر الثاني موجباً للتخيير، ووجوبه مانع من الترتيب، وكان لا يصح أن يجامع التخيير المنع منه، ولا أن يجامع الترتيب المنع منه - حصل التعارض.

  فإن قيل: حصول التعارض في أوصاف الحكم لا يوجب حصوله في الحكم.

  قيل له: إذا لم يصح حصول الحكم إلا مع تلك الأوصاف فما منع حصولها منع حصول الحكم، فحصول⁣(⁣٢) التعارض في الأوصاف التي ذكرناها كحصوله في الحكم.

  والوجه الآخر الموجب للتعارض: هو أن المنقول إليه عن العتق هو


(١) شرح معاني الآثار (٦٠، ٦١).

(٢) في المخطوطات: بحصول. والمثبت مظنن به في (د).