باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية
  بَٰشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اَ۬للَّهُ لَكُمْۖ} إلى قوله: {حَتَّيٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ اُ۬لْخَيْطُ اُ۬لْأَبْيَضُ مِنَ اَ۬لْخَيْطِ اِ۬لْأَسْوَدِ مِنَ اَ۬لْفَجْرِۖ}[البقرة: ١٨٦]، ومن استوفى الليل جماعاً حصل اغتساله في بياض النهار، فلو كان تأخير الغسل إلى الصباح يمنع من جواز الصوم لم يصح أن يكون الجماع مباحاً في(١) الليل كله أجمع، وفي كونه مباحاً في الليل كله أجمع دلالة على أن تأخير الغسل إلى الصباح لا يفسد الصوم.
  ويدل على صحته الحديث الذي استدل به يحيى #، وهو ما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: خرج رسول الله ÷ ورأسه يقطر، فصلى بنا الفجر في شهر رمضان، وكانت ليلة أم سلمة، فأتيتها فسألتها، فقالت: نعم، كان جماعاً من غير احتلام، فأتم صوم ذلك اليوم ولم يقضه(٢).
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن عبدالله بن معمر الأنصاري، عن أبي يونس مولى عائشة [عن عائشة(٣)] زوج النبي ÷، أن رجلاً قال لرسول الله ÷ وهو واقف على الباب وأنا أسمع: يا رسول الله، إني أصبح جنباً وأنا أريد الصوم، فقال ÷: «وأنا أصبح جنباً وأنا أريد الصوم، فأغتسل وأصوم»، فقال: يا رسول الله، لست كمثلنا، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! فغضب رسول الله ÷ فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي»(٤).
  فدل ذلك على صحة ما ذهبنا إليه.
(١) «في» ساقطة من (ج، د).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٤٧).
(٣) ما بين المعقوفين من شرح معاني الآثار.
(٤) شرح معاني الآثار (٢/ ١٠٦).