شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 283 - الجزء 2

  بَٰشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اَ۬للَّهُ لَكُمْۖ} إلى قوله: {حَتَّيٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ اُ۬لْخَيْطُ اُ۬لْأَبْيَضُ مِنَ اَ۬لْخَيْطِ اِ۬لْأَسْوَدِ مِنَ اَ۬لْفَجْرِۖ}⁣[البقرة: ١٨٦]، ومن استوفى الليل جماعاً حصل اغتساله في بياض النهار، فلو كان تأخير الغسل إلى الصباح يمنع من جواز الصوم لم يصح أن يكون الجماع مباحاً في⁣(⁣١) الليل كله أجمع، وفي كونه مباحاً في الليل كله أجمع دلالة على أن تأخير الغسل إلى الصباح لا يفسد الصوم.

  ويدل على صحته الحديث الذي استدل به يحيى #، وهو ما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: خرج رسول الله ÷ ورأسه يقطر، فصلى بنا الفجر في شهر رمضان، وكانت ليلة أم سلمة، فأتيتها فسألتها، فقالت: نعم، كان جماعاً من غير احتلام، فأتم صوم ذلك اليوم ولم يقضه⁣(⁣٢).

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن عبدالله بن معمر الأنصاري، عن أبي يونس مولى عائشة [عن عائشة⁣(⁣٣)] زوج النبي ÷، أن رجلاً قال لرسول الله ÷ وهو واقف على الباب وأنا أسمع: يا رسول الله، إني أصبح جنباً وأنا أريد الصوم، فقال ÷: «وأنا أصبح جنباً وأنا أريد الصوم، فأغتسل وأصوم»، فقال: يا رسول الله، لست كمثلنا، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! فغضب رسول الله ÷ فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي»⁣(⁣٤).

  فدل ذلك على صحة ما ذهبنا إليه.


(١) «في» ساقطة من (ج، د).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٤٧).

(٣) ما بين المعقوفين من شرح معاني الآثار.

(٤) شرح معاني الآثار (٢/ ١٠٦).