شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 292 - الجزء 2

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عنه أنه قال: الإفطار مما دخل وليس خرج⁣(⁣١).

  والأصل في ذلك: قول النبي ÷: «ثلاث لا يفطرن الصائم: القيء، والحجامة، والاحتلام»، فكان ذلك عاماً في كل قيء، سواء بدره أو تعمده.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «من ذرعه⁣(⁣٢) القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقض»⁣(⁣٣) وروي نحوه عن علي #(⁣٤).

  قيل له: ظاهر الخبر لا دلالة فيه على موضع الخلاف؛ لأن الاستقاء هو استدعاء القيء، ولا خلاف أن استدعاء القيء لا يفسد الصوم، وإنما الخلاف في القيء الذي يخرج بالاستدعاء، وهو لا ذكر له في الخبر، فلم يصح لكم التعلق بظاهر الخبر.

  فإن قيل: مذهبكم يخرج الخبر عن أن يكون له فائدة.

  قيل له: لا يجب ذلك؛ لأنا نذكر للخبر فائدة، وهي أنا نقول: إن القيء إذا خرج بالاستدعاء وإكراه⁣(⁣٥) النفس عليه فالأغلب ألا يسلم من رجوع بعضه في⁣(⁣٦) الحلق، وذلك عندنا يوجب القضاء، وتقدير الكلام أن نقول: من استقاء ورجع شيء من القيء إلى جوفه فسد صومه، على أن الذي تقتضيه أصولنا أن من بدره القيء ثم رجع منه شيء إلى جوفه من غير أن يكون اختاره الصائم أو اختار سببه أنه لا يفسد صومه، فيكون وجه التفرقة بين من قاء وبين من استقاء من هذا الوجه.

  فإن قيل: فكيف صار استعمالكم لخبرنا على الوجه الذي ذكرتموه أولى من استعمالنا خبركم؟


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٩٨).

(٢) في (أ) ونسخة في (ب): بدره.

(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ١٧٩)، والترمذي (٢/ ٩١).

(٤) رواه في مجموع الإمام زيد # (١٤٦)، ومصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٩٨).

(٥) في (د): واستكراه.

(٦) في (د): إلى.