باب القول في الاعتكاف و [القول في] ليلة القدر
  تفسده القبلة والضمة والمباشرة فيما دون الفرج إذا لم يكن معه إنزال، قياساً عليه، والمعنى أنه مسيس لم تحصل معه جنابة.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون سائر المعاصي تفسد الاعتكاف؛ لأن المعتكف منهي عنها، كما قلتم: إن الجماع يفسده لكون المعتكف منهياً عنه؟
  قيل له: لسنا نقول ذلك على الإطلاق الذي ذكرت، وإنما نقول: إنه يفسد الاعتكاف لأن المعتكف منهي عنه لأمر يختص الاعتكاف، فلا يجب أن يفسده(١)، كما أن ما نهي عنه الصائم لأمر(٢) لا يختص الصيام لا يوجب فساد الصيام.
مسألة: [فيما يلزم من أوجب على نفسه اعتكاف يوم غير معين أو معين]
  قال: ولو أن رجلاً أوجب على نفسه اعتكاف جمعة ولم يسم أي جمعة هي، ولا في أي شهر هي، ولم ينو ذلك - فإنه يعتكف أي جمعة شاء، وإن سمى جمعة بعينها لزمه اعتكافها، إلا أن يمنعه منه مانع فإنه يعتكف جمعة مكانها إذا زال المانع.
  جميعه منصوص عليه في الأحكام(٣).
  ووجهه: أنه إذا أوجب على نفسه اعتكاف جمعة على الإطلاق لم يكن فيه تعيين، فكان سبيله سبيل من أوجب على نفسه اعتكاف يوم على الإطلاق أنه يجزيه أي يوم اعتكفه بعد أن يكون يوماً يصح فيه الاعتكاف، فكذلك الجمعة. فأما إذا عين جمعة بأن سماها أو نواها فإنه يلزمه اعتكافها بعينها، وقد بينا فيما تقدم أن النية توقع اللفظ على وجه دون وجه وتجري مجرى النطق، فأما إذا سمى جمعة بعينها فلا خلاف فيه، فإن منعه مانع من اعتكافها تركه وقضاه إذا زال المانع، لا خلاف فيه.
(١) - أي: سائر المعاصي.
(٢) في (ب): لا لأمر.
(٣) الأحكام (١/ ٢٤٥).