باب القول في كيفية وجوب الحج وذكر فروضه
  والصبي فما روي عن ابن عباس عن النبي ÷ قال: «أيما صبي حج ثم أدرك الحلم فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه أن يحج حجة أخرى»(١).
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ نحوه(٢).
  على أن الصبي لا يصح إحرامه عندنا على ما نبينه من بعد، فيجب ألا يجزئه حجه عن حجة الإسلام.
  والعبد أيضاً ليس بمخاطب بالحج؛ لأنه ممن لا يملك، والحج فلا بد من المال فيه(٣). وتصرفه أيضاً مستحق عليه.
  والذمي لا يصح حجه؛ لأن الإسلام شرط في صحة الإحرام، فإذا ثبت ذلك صح ما ذكرناه من وجوب الحج على كل بالغ مسلم حر مستطيع.
  وأما الزاد والراحلة فالأصل فيه ما روي أن النبي ÷ سئل عن استطاعة الحج فقال: «هي الزاد والراحلة»(٤).
  ووجه الاستدلال منه أن الله تعالى أوجب الحج بشرط الاستطاعة، وبين النبي ÷ أنها الزاد والراحلة، فدل ذلك على أن وجودهما شرط في وجوب الحج.
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ في قوله تعالى: {وَلِلهِ عَلَي اَ۬لنَّاسِ حَجُّ اُ۬لْبَيْتِ مَنِ اِ۪سْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاٗۖ}[آل عمران: ٩٧] قال: (السبيل: الزاد، والراحلة)(٥).
  فإن قيل: حقيقة الاستطاعة هي القوة، وعندكم أن كون المجاز مراداً باللفظ
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٥٣٣)، والطبراني في الأوسط (٣/ ١٤٠).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٦٧).
(٣) في (أ): فلا بد أن يملك المال فيه. وفي (ج): والحج مما لا بد من المال فيه.
(٤) أخرجه الترمذي (٥/ ٧٥)، وابن ماجه (٢/ ٩٨٧).
(٥) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٥٧).