كتاب الحج
  لا يمنع كون الحقيقة مراداً بها(١)، فما أنكرتم على من قال: إن(٢) الزاد والراحلة وإن كانا مرادين فلا يجب ألا تكون القوة مراداً بالآية، فيجب على القوي الحج كما يجب على واجد الزاد والراحلة؟
  قيل له: لسنا نمنع أن تكون القوة مراداً بالآية، إلا أنا نقول: لا بد من حصولها وحصول الزاد والراحلة، وقد ثبت أن الزاد والراحلة مرادان كالقوة. على أن الاستطاعة إذا ثبت أنها تستعمل في اللغة في وجوه كثيرة افتقر اللفظ إلى البيان، فإذا كان ذلك(٣) كذلك كان قول النبي ÷: «هي الزاد والراحلة» بياناً لها، فوجب أن يكون المراد بها ما كان قول النبي ÷ بياناً له(٤).
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «الحج بعرفة، والحج(٥) العج والثج» فما تنكرون على من قال لكم: إن ذلك لا يدل على أن الاستطاعة غير الزاد والراحلة؟
  قيل له: عن هذا أجوبة: أحدها: أن الظاهر أوجب أن لا حج غير الوقوف وغير العج والثج، لكن اقتضى الدليل خلافه.
  والثاني: أن الظاهر أوجب ألا يتم إلا بذلك ولا بد منه، فكذلك يوجب أن تكون الاستطاعة لا تتم إلا بالزاد والراحلة، ولا تتم عندنا إلا بهما.
  والثالث: أن قوله: «هي الزاد والراحلة» خرج مخرج البيان، وقوله: «الحج بعرفة والحج(٦) العج والثج»، خرج مخرج التعظيم للوقوف والعج والثج، فلا يجب أن يستوي حكمهما، على أن المشهور في الرواية: «أفضل الحج العج
(١) أي: بالآية. (من هامش د).
(٢) في (أ): بأن.
(٣) «ذلك» ساقط من (د).
(٤) كذا في المخطوطات.
(٥) «الحج» ساقط من (أ، ج).
(٦) «الحج» ساقط من (أ، ج).