شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الحج وذكر فروضه

صفحة 358 - الجزء 2

  للحج؛ لأنه من الحج، وعامته مؤقته. ويشهد له سائر الفرائض؛ لأن كل فرض ابتدئ فلا بد أن يكون مؤقتاً. ويؤكده سائر ما يتطوع به من الصلاة والصيام، لما لم تكن واجبة لم تكن مؤقتة.

فصل: [في أن الحج لا يجب على المكلف إلا مرة واحدة]

  حكى أبو العباس الحسني | عن القاسم # أنه ذكر في مسألة النفي لوجوب العمرة أن الحج يجب مرة واحدة، واستدل بقوله تعالى: {وَلِلهِ عَلَي اَ۬لنَّاسِ حَجُّ اُ۬لْبَيْتِ مَنِ اِ۪سْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاٗۖ}⁣[آل عمران: ٩٧]، فاقتضى فعل مرة واحدة. وهو صحيح؛ لأن الأمر لا يقتضي التكرار، وإنما يقتضي فعل مرة واحدة؛ لأنه هو المعقول في الشاهد، ألا ترى أن من أمر عبده بفعل إنما يعقل منه وجوب الفعل مرة واحدة. وليس يجب أن يحمل الأمر على النهي؛ لأن النهي عن الشيء في الشاهد يعقل منه استدامة الانتهاء.

  ويدل على ذلك: ما رواه ابن عباس ¦ عن الأقرع بن حابس أنه سأل رسول الله ÷ عن الحج فقال: ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: «للأبد، ولو قلت: نعم لوجب»⁣(⁣١)، فدل ذلك على أنه يجب في العمر مرة واحدة.

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن عباس أن الأقرع سأل رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله، الحج في كل عام أو مرة واحدة؟ فقال: «لا، بل مرة واحدة، فمن أراد فليتطوع»⁣(⁣٢)، وروى أيضاً بإسناده عن أنس عن النبي ÷ نحوه.

  وفي حديث زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ عن النبي ÷ نحوه⁣(⁣٣).


(١) أخرج نحوه النسائي (٥/ ١١١)، وأحمد في المسند (٤/ ١٥١).

(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٤٣٠) وفيه: فمن زاد فتطوع.

(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٥٧).