باب القول في الدخول في الحج والعمرة
مسألة: [فيمن جاوز الميقات من دون إحرام]
  قال: ومن جاوز بعض هذه المواقيت من غير أن يحرم فيها وجب عليه أن يرجع إليها ويحرم فيها، فإن لم يمكنه الرجوع إليها لعذر قاطع أحرم وراءها قبل أن ينتهي إلى الحرم، ويستحب له أن يهريق دماً؛ لمجاوزة الميقات غير محرم.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(١).
  وحكى أبو العباس الحسني عن يحيى بن الحسين # في كتاب الإبانة القول بإيجاب الدم لمجاوزة الميقات، فيكون تحصيل المذهب فيه على الروايتين: أنه إن جاوز الميقات وأحرم ولم يعد إليه فالدم واجب، وإن رجع إليه وأحرم فيه فيكون الدم مستحباً.
  أما وجوب الدم على من جاوز الميقات غير محرم فهو إجماع لا خلاف فيه؛ لأنه قد ترك نسكاً واجباً، فأما إذا عاوده وأحرم فيه فلا يجب عليه دم؛ لأن المأخوذ عليه أن يقطع الميقات محرماً؛ بدلالة أنه لو أحرم قبل الميقات وجاوزه محرماً فلا شيء عليه، فكذلك إذا عاد فأحرم فيه؛ إذ قد حصل محرماً في الميقات.
  واستحببنا له أن يهريق دماً لأن النقص قد لزمه وإن لم يلزم حجه؛ لأن حجه قد انجبر لما كان من إحرامه في الميقات، فكونه ممن قد جاوزه غير محرم لا يرتفع، على أن أبا العباس الحسني | ذكر في النصوص خلاف ما ذكره في كتاب الإبانة، تحصيل المذهب فيه: على أن مجاوزة الميقات لا توجب عند يحيى # دماً، وذكر أن القاسم # روى عن أمير المؤمنين # فيمن جاوزه لا شيء عليه، فإن صحت هذه الرواية لم يعدل عنها، وإلا فالأولى ما ذكرناه.
(١) المنتخب (١٨٥).