باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع
مسألة: [في أكل الحاج من الأضحية والهدي وجزاء الصيد]
  قال: ثم يأكلان بعضه، ويطعمان بعضه، ويتصدقان ببعضه على المساكين، وأولى المساكين من قرب من منزله ورحله.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١) في القارن والمتمتع والمضحي، قال فيهما(٢): ولا يجوز له الأكل من جزاء الصيد وفدية الأذى وما أشبه ذلك. وهو قول أبي حنيفة، وقال الشافعي: لا يأكل إلا من الأضحية والهدي التطوع.
  ولا خلاف أنه لا يجوز الأكل من جزاء الصيد.
  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه من جواز أكل القارن والمتمتع من هديهما: قول الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ اِ۬للَّهِ}[الحج: ٣٤]، إلى قوله سبحانه: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا}[الحج: ٣٤]، فاقتضى ظاهر الآية جواز الأكل من البدن أجمع، واجبها وتطوعها؛ لأن اسم البدن عام في التطوع والواجب، فوجب ما ذكرنا في الجميع، إلا ما منع منه الدليل(٣).
  ويدل على ذلك قوله تعالى: {لِّيَشْهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمْ ...} الآية [الحج: ٢٦]، والهدي الذي يجب أن يقضى التفث بعده لا يكون إلا واجباً، لأن التطوع لا يختص بهذه الصفة، فلما أباح الله لنا الأكل من الهدي الذي يجب أن يقضى التفث بعده علم أن الأكل من الهدي الواجب جائز.
  ويدل على ذلك ما روي أن النبي ÷ قرن، وساق مائة بدنة، وأنه أشرك فيها علياً #.
  وروى جعفر، عن أبيه، عن جابر، أنه ÷ نحر بيده ثلاثاً وستين بدنة،
(١) الأحكام (١/ ٢٦٥)، والمنتخب (٢١٣، ٢١٩).
(٢) الأحكام (١/ ٣٠١) والمنتخب (٢١٩).
(٣) في (ب): إلا ما أخرج منه بالدليل. وعليها: «إلا ما منع منه الدليل» نسخة.