كتاب الحج
  وأنس وأبي طلحة وعمران بن حصين أولى؛ لوجوه:
  أما على أصلنا فرواية علي # أولى من رواية غيره، كما أن اجتهاده عندنا أولى من اجتهاد غيره.
  وأما على أصول الجميع فيجب أن تكون روايته أولى من رواية غيره في هذا الباب؛ إذ لا خلاف أنه كان مهلاً بإهلال النبي ÷، فلا بد من أن يكون يعرف حقيقة إهلاله ÷ للاقتداء به، فهذه المزية ليست لغيره ممن روى هذا الباب؛ ولأنه روى لفظه ÷: «قد سقت وقرنت»، وفي حديث عمر: «قل: عمرة وحجة».
  على أننا يمكننا أن نتأول أخبارهم، فنقول: يجوز أن يكون ÷ لبى في بعض الأوقات بالحج فقط، وفي بعضها بالعمرة فقط، وفي بعضها بهما جميعاً، فروى من سمع إهلاله بالحج أنه أهل به، وروى من سمع إهلاله بالعمرة أنه أهل بها متمتعاً، وروى من سمع إهلاله بهما أنه قرن، فيحصل من ذلك أنه ÷ كان قارناً، على أن من روى عنه القران في روايته زيادة، فهي أولى، ألا ترى أن غيره يروي حجة أو عمرة، وهو يرويهما.
  فإذا ثبت بما بيناه أنه كان قارناً، وأنه ÷ أكل من الهدي الذي كان ساقه ثبت جواز الأكل منه.
  فإن قيل: فلا إشكال أن الواجب عليه كان واحداً، وأن الباقي كان تطوعاً، فيجوز أن يكون أكل من الباقي.
  قيل له: في الحديث أنه ÷ أمر أن يقطع [له](١) من كل بدنة منها قطعة، ثم جمعت وطبخت، وهذا يوجب أن الواجب والتطوع في جواز الأكل سواء؛ لأن الواجب لو كان محرماً لحرم الجميع بالخلط؛ لأن وجه الحظر ووجه الإباحة إذا اجتمعا كان الحظر أولى.
(١) ما بين المعقوفين من (ب).