باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع
  الوقت وقت للرمي لم يلزمه لكونه فيه بمنى، كما لم يلزمه هذا الرمي إذا أقام في اليوم الأول والثاني؛ لأنهما ليسا بوقت لهذا الرمي.
  فأما قبل طلوع الشمس فلم يستحب؛ لحديث ابن عباس أن النبي ÷ قال لهم: «أبنيّ، لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس»(١)، وقد روي عن ابن عباس عنه ÷: «لا ترموا حتى تصبحوا»(٢).
مسألة: [في طواف الوداع]
  قال: ثم أقام بها - يعني بمكة - ما أقام، فإذا أتى الرحيل أتى الكعبة وطاف بها طواف الوداع.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب. وذكر أبو العباس الحسني ¥ أن على من تركه دماً، فدل ذلك على وجوبه.
  والأصل فيه: ما رواه هناد عن عطاء قال: قال رسول الله ÷: «من حج فليكن آخر عهده بالبيت».
  وروى أيضاً عن عطاء قال: قال رسول الله ÷: «لا يصدرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت».
  وروى أيضاً هناد بإسناده عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون على كل وجه، فقال النبي ÷: «لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت».
  فدلت هذه الأخبار على وجوبه؛ لأن الأمر يقتضي الوجوب، وكذلك النهي عن الصدر إلا بعد الطواف يدل على وجوبه.
  فإن قيل: فليس في الخبر ذكر الطواف.
  قيل له: لا خلاف أن المراد به الطواف على أنه لا خلاف في أنه ليس عبادة تختص بالبيت إلا الطواف، فثبت أن المراد به الطواف.
(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٥٩) والترمذي (٢/ ٢٣٢).
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٢١٧).