شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع

صفحة 424 - الجزء 2

  وقلنا: يفرق الحصى، وإن رماها مجتمعة أعاد؛ لأن النبي ÷ رمى بها متفرقة، وقال: «خذوا عني مناسككم»، ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة والشافعي ومالك وأبي ثور أنه إن رمى سبعاً مجتمعات أعاد منها ستاً، فكذلك السابعة، والمعنى أن الرمي وقع مجتمعاً، فوجب ألا يعتد به.

  فإن قيل: المأخوذ عليه هو عدد الحصى وعدد الرمي، فإذا أعاد رمى الست وجب أن يجزئ رميه الأول عن رمية حصاة واحدة.

  قيل له: لسنا نسلم أن المأخوذ عليه ما ذكرتم فقط، بل المأخوذ عليه مع ما ذكرتم التفريق بين الحصيات، فإن كان هذا هكذا وجب ألا يعتد بالرمية الأولى؛ لكون الحصى فيها مجتمعة.

  وقلنا: إن غير النساء لا يجوز لهم الرمي قبل طلوع الفجر؛ لقوله ÷: «لا ترموا حتى تطلع الشمس».

  أخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا الحجاج، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا الحجاج، عن حكم، عن مقسم، عن ابن عباس أن النبي ÷ بعثه في الثقل، وقال: «لا ترموا حتى تصبحوا».

  وجوزنا ذلك للنساء لما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا أسد، قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، قال: أخبرنا عبدالله مولى أسماء بنت أبي بكر أنها قالت ليلة جمع: هل غاب القمر؟ قلت: لا، ثم نمت⁣(⁣١) ساعة، ثم قالت: يا بني، هل غاب القمر؟ قلت: نعم، فارتحلت وارتحلنا، ثم مضينا بها حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: لقد غلسنا، فقالت: كلا يا بني، إن النبي


(١) في شرح معاني الآثار: فصلت.