شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 437 - الجزء 2

  لأن الطواف لا يكون إلا في المسجد، والحائض ممنوعة من دخول المسجد.

  على أنا لا نختلف في أن غير المتطهر ممنوع من الطواف، وإنما الخلاف في كونه شرطاً، وفي أنه يجبر بالدم.

  فإن قيل: فإن الطواف مضمن بالطهارة، وكل عبادة مضمنة بالطهارة فإنها تبطل إذا فعلت بغير طهارة، دليلنا الصلاة.

  قيل له: لا نسلم أن الطواف مضمن⁣(⁣١) بها؛ لأن ذلك يفيد كونها شرطاً فيه، وفيه اختلفنا، وأما وجوبها فلا خلاف فيه، وقوله ÷: «خذوا عني مناسككم» مع أنه طاف متطهراً يدل على ذلك.

  وكل من ذهب إلى أنه ليس شرطاً فيه يذهب إلى أنه يجبر بالدم إذا كان الطائف قد لحق بأهله، وأنه إذا كان بمكة يعيد؛ فلذلك قلنا به. على أنه إذا كان بمكة يمكنه الإتيان به من غير مشقة، فلا وجه لأن يجبر بالدم مع إمكان الإتيان به ثانياً.

  وألزمنا من طاف طواف الزيارة جنباً ثم لحق بأهله بدنة لأن البدنة موضوعة في الحج لكل ما كان أغلظ في جنسه، ثم كان طواف الزيارة فرضه آكد، وكان لا يجبر بالدم عند أحد، فعلمنا أن حكمه أغلظ، فكذلك الجنابة، فلذلك أوجبنا في جبره البدنة.

  وقلنا: إن من خرج ولم يطف طواف النساء لزمه العود، وأنه يكون في حكم المحصر إلى أن يعود فيطوف - لأنه لا خلاف فيه. ومعنى قولنا: «إنه يكون محصراً» أنه يكون ممنوعاً من النساء فقط دون سائر الأشياء.

  وقلنا: إنه إن جامع قبل ذلك لزمته بدنة لأنه لا خلاف في أنه يلزمه دم، وسبيله سبيل من جامع بعدما رمى⁣(⁣٢) جمرة العقبة قبل طواف النساء في أنه يلزمه البدنة.


(١) في (أ): متضمن.

(٢) في (أ، ب، ج): بعد رمي. وفي (ب): بعدما رمى. نسخة.