شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع

صفحة 439 - الجزء 2

  ويدل على ذلك: أن السعي تابع للطواف، فوجب أن يكون من فروض الحج، كالمبيت بمزدلفة، وكالمبيت بمنى، والعلة أنه تابع لغيره.

  فإن قيل: لسنا نسلم أنه تابع للطواف وإن كان مرتباً عليه، كما لا نقول في صلاة العصر: أنها تابعة للظهر، وإن كانت مرتبة عليه، ولا نقول في طواف النساء: إنه تابع للوقوف، وإن كان مرتباً عليه.

  قيل له: صلاة العصر لها وقت يجب أن تفعل فيه إذا انتهى الإنسان إليه وإن لم يكن فعل الظهر، وقد تجب صلاة العصر على الإنسان مفردة عن الظهر، فلم يصح أن يقال⁣(⁣١): إنها تابعة، ووجب أن يقال: إنها مرتبة عليه. وطواف النساء لا يتعلق بالوقوف؛ لأن وقت كل واحد منهما غير وقت صاحبه، وليس كذلك السعي؛ لأنه لا يفعل إلا عقيب الطواف، ويكره أن يفرق بينهما بزمان طويل، وهو عند مخالفينا لا يختص بطواف بعينه؛ إذ قد يفعل عقيب طواف القدوم وقد يفعل عقيب طواف الزيارة، فبان أنه تابع له على ما ذكرناه، على أنه عندنا لا يكون إلا تابعاً لطواف القدوم، ولا يجوز أن يكون التابع أوكد حالاً مما هو تابع له، فوجب ألا يكون شرطاً في صحة الحج، كطواف القدوم. وأيضاً قد ثبت أنهما من الشعائر بقوله تعالى: {۞إِنَّ اَ۬لصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَٰٓئِرِ اِ۬للَّهِۖ}⁣[البقرة: ١٥٧]، فوجب ألا يكون شرطاً في الحج، كسائر الشعائر التي هي البدن والمشعر الحرام ونحوهما⁣(⁣٢).

  فإن قيل: فقد سعى بينهما النبي ÷ وقال: «خذوا عني مناسككم»، وقال أيضاً: «إن الله كتب عليكم السعي، فاسعوا»⁣(⁣٣)، وهذا يقتضي الوجوب.


(١) في (ج): إذا قال.

(٢) في (ب، ج): ونحوه. وفي (د): ونحوهما. نسخة.

(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ١٨٤) وأحمد في المسند (٤٥/ ٣٦٧).