كتاب الحج
  قيل له: هذه الظواهر كلها مبنية على قوله: «المحرم لا يَنكح، ولا يُنكِح، ولا يخطب».
  فإن قيل: فكيف صرتم أولى بتخصيص هذه الظواهر وبنائها على الخبر منا بتأويل الخبر على ما ذكرناه من الوطء، وبنائه على الظواهر؟
  قيل له: نحن أولى باستعمالنا من جهتين: إحداهما: أنه ÷ قال: «لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب»، فذكر الخطبة، فدل(١) على أن المراد به العقد؛ إذ الخطبة لا تتعلق بالوطء.
  والثاني: أن الخبر أخص بموضع الخلاف، والمقصد به بيان ما اختلفنا فيه، وليس كذلك حال الظواهر، فصار استعمالنا بما ذكرنا أولى.
  فإن قيل: فقد روي عن ابن عباس أنه قال: تزوج رسول الله ÷ بميمونة وهو محرم(٢).
  قيل له: قد عارض ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثنا حبان بن هلال، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن مطر، عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع: «أن النبي ÷ تزوج ميمونة حلالاً، وبنى بها حلالاً، وكنت الرسول بينهما»(٣).
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا ربيع المؤذن وربيع الجيزي قالا: حدثنا أسد، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد الأصم، عن ميمونة بنت الحارث، قالت: تزوجني
(١) في (د): فذكر الخطبة دال.
(٢) أخرجه البخاري (٣/ ١٥) ومسلم (٢/ ١٠٣٢).
(٣) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٧٠).