كتاب الحج
  رسول الله ÷ بسرف ونحن حلالان بعد أن رجع من مكة(١).
  وروي في هذا أيضاً ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكاً حدثه عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن، عن سليمان بن يسار: «أن النبي ÷ بعث أبا رافع مولاه ورجلاً من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، وهو(٢) بالمدينة قبل أن يخرج»(٣).
  فلنا في هذه الأخبار ثلاث طرق:
  إما أن نقول: إنها تعارضت فسقطت ووجب الرجوع إلى قوله: «المحرم لا يَنكح، ولا يُنكِح».
  وإما أن نقول: إن حديث ميمونة وحديث أبي رافع أولى أن يعمل به؛ لأن أبا رافع ذكر أنه كان الرسول بينهما، وهو أولى أن يكون تحقق الحال وعرف الصورة، وكذلك ميمونة هي المعقود عليها، فقولها أولى بذلك؛ لأنها عرفت من الحال ما لم يعرف غيرها، ألا ترى أنها ذكرت الموضع والوقت.
  وإما أن نقول: ذلك كان يجوز أن يكون خاصاً لرسول الله ÷، وقوله أولى أن يعمل به؛ لأنه يتناول غيره، وفعله يخصه.
  ويعضد هذه التأويلات قول علي # وقول عمر، على ما رواه ابن أبي شيبة بإسناده عنهما.
  والإحرام مقيس على عدة المتوفى عنها زوجها، والمعنى أنه عبادة يجب معها ترك الطيب والزينة، فوجب ألا يصح معها عقد النكاح كعدة المتوفى عنها زوجها. وهذا القياس لا ينتقض بعدة المختلعة؛ لأنها عندنا لا يلزمها ترك الزينة(٤).
  وأيضاً عقد النكاح سبب يختص بتعدية الحرمة إلى غير من خصه، فوجب أن
(١) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٧٠).
(٢) في (أ، ج): وهي.
(٣) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٧٠).
(٤) المذهب أنه يلزمها الإحداد.