شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 453 - الجزء 2

  يمنع منه الإحرام قياساً على الوطء. وليس يعترض ما ذكرناه من الرضاع؛ لأنه يوجب⁣(⁣١) الحرمة لمن يخصه وإن كان يعديها إلى غيره.

  وأيضاً وجدنا المحرم ممنوعاً من الاستمتاع بالمرأة من كل وجه، فوجب ألا يصح له عقد النكاح عليها، قياساً على ذي الرحم المحرم.

  وما يذكره المخالف من القياس في هذا الباب يشهد لقياسنا، ألا ترى أنهم قاسوا الإحرام على الحيض والنفاس لما لم يكونا مما يصح أن يقال فيهما: إنهما عبادة، ولما كان الاعتكاف عبادة لا يلزم معها ترك الطيب والزينة لم يمنع من عقد النكاح.

  وكذلك إن قاسوا النكاح على شراء الأمة كان ذلك شاهداً لقياسنا النكاح على الوطء، ألا ترى أنه لما لم يعد الحرمة لم يمنع منه الإحرام.

  ولا نختلف في المحرم إذا طلق زوجته طلاقاً بائناً أنه لا يجوز له العقد على أختها، فكذلك الأجنبية، والمعنى أنه محرم، فوجب ألا يصح عقد نكاحها. ولا يمكنهم دفع هذا القياس بعدم التأثير؛ إذ هو مؤثر على أصولنا.

  يؤكد ذلك ويوضحه: أنا وجدنا المحرم ممنوعاً من القبلة والضمة والمباشرة لما كانت أسباباً تختص بأن تدعو إلى الجماع، فوجب أن يكون ممنوعاً من عقد النكاح؛ لأنه سبب يختص بالدعاء إلى الجماع. ولا يمكنهم أن يدعوا ذلك في شراء الجواري؛ لأن الشراء للجواري لا يختص بأن يكون سبباً داعياً إلى الجماع، ألا ترى أن الإنسان يجوز أن يشتري ذوات المحارم اللاتي لا يطأهن، وقد يشتريهن للتجارة والخدمة ولا يريد وطأهن، وليس كذلك عقد النكاح؛ لأنه يختص بأن يكون سبباً داعياً إلى الجماع، كما ذكرناه في القبلة والضمة من الشهوة.

  وأيضاً وجدنا الجماع أغلظ في باب الحج من سائر ما منع منه الإحرام، كحلق


(١) في المخطوطات: لا يوجب، وشكل فيها على «لا»، وفي هامش (ج): الصواب حذف «لا».