باب القول فيما يجب على المحرم توقيه
  وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي ÷ قال: أهدى الصعب بن جثامة إلى رسول الله ÷ من حمار وحش، فقا: «لولا أنا محرمون لقبلناه منك»(١).
  ففيما رويناه أن النبي ÷ رده لكونه محرماً فقط، من غير استعلام وجه اصطياد الصعب بن جثامة، فدل ذلك على أن التحريم تعلق بالإحرام فقط. على أن رده ÷ لا يجوز أن يكون لكونه مشيراً إليه أو دالاً عليه أو آمراً به؛ لأنه ÷ لا يفعل ذلك، وقول الصعب: «أهديت له» يدل على أنه لم يكن اصطاده له؛ إذ لو كان اصطاده له لقال: كنت اصطدت لرسول الله ÷ كذا فحملته، ولم يقل ذلك، فدل على أن الرد لم يكن إلا لكونه محرماً فقط على ما قاله ÷.
  ويحقق ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن الحسين الصواف، قال: أخبرنا عمار بن رجاء، قال: أخبرنا هدبة، عن همام بن يحيى، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل: أن أباه ولي طعام عثمان، قال: فكأني أنظر إلى الحجل حول الجفان، فجاءه رجل فقال: إن علياً # يكره هذا، فأرسل إلى علي #، فجاءه وذراعاه ملطخان بالخبط، فقال: إنك رجل كثير الخلاف علينا، فقال علي #: أذكر الله رجلاً شهد النبي ÷ وقد أتي بعجز حمار وحش فقال: «إنا محرمون، فأطعموه أهل الحل»، فقام عدة رجال فشهدوا، ثم قال: أشهد(٢) الله رجلاً شهد النبي ÷ أتي بخمس بيضات من بيض النعام فقال: «إنا محرمون، فأطعموها أهل الحل».
(١) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٣٠٨).
(٢) في (ب، د): أذكر.