شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 456 - الجزء 2

  فدل⁣(⁣١) على أن التحريم تعلق بالإحرام دون وجه الاصطياد، ولأن الأمر لو كان على ما ذهبوا إليه لقال ÷: أطعموه من لم يأمر بصيده ولم يدل عليه ولم يصطد له.

  فإن قيل: روي عن أبي الزبير قال: قال رسول الله ÷: «صيد البر حلال لكم وأنتم محرمون ما لم تصطادوه أو يصد لكم»⁣(⁣٢).

  قيل له: يحتمل أن يكون المراد: صيد البر وأنتم حرم حلال لكم إذا حللتم ما لم تصطادوه أو يصد لكم، فيكون الغرض بيان أن وقوع الاصطياد في حال إحرامهم لا يستديم التحريم عليهم بعد إحلالهم إذا لم يكونوا اصطادوه وذبحوه أو صيد لهم في حال إحرامهم.

  فإن قيل: فقد روي عن عبدالله بن أبي قتادة، قال: كان أبو قتادة في نفر محرمين، وأبو قتادة محل، فرأى أصحابه حمار وحش، فلم يره كلهم حتى أبصره، فاختلس من بعضهم سوطاً فصرعه، فأكلوا منه، فلقوا رسول الله ÷ فسألوه عنه فقال: «هل أشار أحد منكم⁣(⁣٣) إليه؟» قالوا: لا، قال: «فكلوا»⁣(⁣٤).

  قيل له: يحتمل أن يكون ÷ أباح لهم ذلك لكونهم مضطرين، وليس يمكن ادعاء العموم فيه؛ لأنه قضية في قوم بأعيانهم وحالة بعينها.

  فإن قيل: فما معنى قوله: «هل أشار إليه أحد منكم؟».

  قيل له: يجوز أن يكون ÷ أراد أن يعلمهم ما يلزمهم من الجزاء بالإشارة أو الدلالة لو كانوا فعلوها.


(١) في (أ، ب، ج): يدل.

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٦) والترمذي (٢/ ١٩٦) وغيرهما عن المطلب عن جابر.

(٣) في (أ، ج): أحدكم.

(٤) أخرج نحوه البخاري (٣/ ١١) ومسلم (٢/ ٨٥٣، ٨٥٤).