شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 504 - الجزء 2

  ولا خلاف أن المحرم إذا قبل لشهوة فعليه دم.

  وروى ابن أبي شيبة عن شريك، عن جابر، عن أبي جعفر، عن علي $ قال: (إذا قبل المحرم امرأته فعليه دم)⁣(⁣١).

  وروى نحوه بإسناده عن ابن المسيب، وعن ابن سيرين، والشعبي، وعبدالرحمن بن الأسود⁣(⁣٢).

  فإذا ثبت ذلك في القبلة بالإجماع كان الغمز واللمس مثلها؛ إذ الحكم في ذلك لا يتغير في سائر المواضع؛ ولأن العلة فيها أنها لمس بالشهوة. فلما ثبت أن في القبلة والغمز إذا كانا عن شهوة دماً، وكان أقل الدم شاة - أوجبناها فيهما.

  وقلنا: إن في المذي بقرة لأن القبلة التي تؤدي إلى خروج المذي أغلظ حكماً من القبلة التي لا تؤدي إليه، ووجدنا الكفارات في الحج مبنية على أن الجناية كلما كانت أغلظ كانت الكفارة أغلظ، وكذلك عامة العبادات، فلما كان ذلك كذلك أوجبنا في القبلة التي تؤدي إلى خروج المذي بقرة؛ لنكون قد غلظنا الكفارة بحسب غلظ الجناية؛ ولهذه الطريقة قلنا: إن من أمنى⁣(⁣٣) وجبت عليه بدنة؛ لأن خروج المني أغلظ حكماً في جميع الأحكام من خروج المذي. ولم نوجب فساد الحج بالإمناء على ما حكي عن مالك وعطاء؛ لأن فساد الحج أقصى غاية التغليظ، فلم نوجبه إلا بما يكون أقصى غاية الجناية في بابه، ووجدنا الجماع أغلظ من الإمناء؛ لأنه يتعلق بالجماع أحكام لا تتعلق بالإمناء، نحو الحدود والصداق، فلم نلحق حكم الإمناء به.

  ولا فصل في جميع ما ذكرناه بين القبلة واللمس على ما بيناه.

  وقلنا: إن القبلة واللمس إذا لم يكونا لشهوة فليس على المحرم لهما شيء؛ لأنه


(١) المصنف (٣/ ١٣٨).

(٢) المصنف (٣/ ١٣٨، ١٣٩).

(٣) في (ج، د): قلنا إنه إن أمنى.