كتاب الحج
  إما أن يكون له مثل قد حكم به السلف، فيرجع إلى حكمهم.
  أو يكون له مثل ولا يحفظ عن السلف فيه شيء، فيرجع في طلب المماثلة فيه إلى حكم ذوي عدل في الزمان.
  أو يكون مما لا مثل له، فيرجع في التقويم إلى حكم ذوي عدل، فلم نخرج عنه في شيء من الأحوال.
  فإن قيل: المماثلة التي تذهبون إليها طريقها الحس وما جرى مجراه، فلا يحتاج فيها إلى حكم ذوي عدل.
  قيل له: لهذا تفاصيل ودقائق لا يمتنع أن يحتاج لها إلى اجتهاد مجتهد وحكم حاكم، على أنه لو كان الأمر على ما تقولون كان لا يمتنع أن يرد الشرع به، كما أنه لم يمتنع أن ورد الشرع بألا يحكم الحاكم بكثير مما يعلمه حتى تقع الشهادة به عنده.
  فإن قيل: فإنه جعل للمساكين، ولا حظ لهم في اعتبار الخلق.
  قيل له: لا يمتنع ذلك، ألا ترى إلى ما اشترط في الهدايا والأضاحي من سلامة العين والأذن، وأن تكون من الأزواج الثمانية، وأن يكون لها سن دون سن، ولا حظ في شيء من ذلك للمساكين.
  ومما يدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال، قال: حدثنا جرير بن حازم، قال: حدثنا عبدالله(١) بن عبيد بن عمير، قال: حدثنا ابن أبي عمار، عن جابر: أن النبي ÷ سئل عن الضبع فقال: «هي من الصيد»، وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشاً(٢).
  فلما جعل النبي ÷ في الضبع كبشاً من غير اعتبار قيمتها ولا اعتبار
(١) في المخطوطات: عبيدالله. والمثبت هو الصواب كما في الكاشف المفيد (٢/ ٢٤٨) وشرح معاني الآثار.
(٢) في (أ، ج): وجعل فيها كبشاً إذا أصابها المحرم.
(*) شرح معاني الآثار (٢/ ١٦٤).