شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 520 - الجزء 2

مسألة: [في المحرم إذا دل غيره على الصيد فقتله بدلالته]

  قال: وإذا دل المحرم غيره على الصيد فقتله بدلالته فعليه الجزاء.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١)، وهو قول سعيد بن جبير وعطاء والشعبي.

  والدليل على ذلك: ما رواه هناد بإسناده أن امرأة جاءت إلى ابن عباس ¥ فقالت: إني رأيت أرنباً وأنا محرمة فأشرت إلى الكَرِيِّ⁣(⁣٢) فقتلها، فحكم ابن عباس عليها بالجزاء.

  وروى بإسناده أن محرمين أحاش أحدهما ظبياً وقتله الآخر، فحكم عليهما عمر وعبدالرحمن بن عوف بشاة شاة⁣(⁣٣).

  وروى بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: المحرم لا يشير إلى الصيد ولا يصيد، ولا يدل عليه⁣(⁣٤).

  وفي حديث زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي # قال: (لا يقتل المحرم الصيد، ولا يشير إليه، ولا يدل عليه)⁣(⁣٥).

  فلما ثبت ذلك عنهم ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه كان إجماعاً، ويؤكد ذلك ما في حديث أبي قتادة أن النبي ÷ قال: «هل أشرتم؟ هل أعنتم؟» ولا وجه إلا إيجاب الجزاء عندنا؛ إذ قد ثبت أنه لا تأثير لعدم الإشارة والإعانة في جواز الأكل، فكل ذلك يدل على وجوب الجزاء على الدال.

  ومما يدل على ذلك: أنا لا نختلف أن محرماً لو أمسك الصيد حتى يقتله الحلال أن عليه الجزاء، فكذلك الدال؛ لأن كل واحد منهما قد فعل السبب


(١) الأحكام (١/ ٣٠٠) والمنتخب (١٩٣).

(٢) الكري كغني: المكاري. (قاموس معنى).

(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٢/ ٢٣) من طريق هناد، لكن فيه: اذهبا فاهديا شاة.

(٤) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٤١٦).

(٥) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٦٣).