باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
مسألة: [في المحرم إذا دل غيره على الصيد فقتله بدلالته]
  قال: وإذا دل المحرم غيره على الصيد فقتله بدلالته فعليه الجزاء.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١)، وهو قول سعيد بن جبير وعطاء والشعبي.
  والدليل على ذلك: ما رواه هناد بإسناده أن امرأة جاءت إلى ابن عباس ¥ فقالت: إني رأيت أرنباً وأنا محرمة فأشرت إلى الكَرِيِّ(٢) فقتلها، فحكم ابن عباس عليها بالجزاء.
  وروى بإسناده أن محرمين أحاش أحدهما ظبياً وقتله الآخر، فحكم عليهما عمر وعبدالرحمن بن عوف بشاة شاة(٣).
  وروى بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: المحرم لا يشير إلى الصيد ولا يصيد، ولا يدل عليه(٤).
  وفي حديث زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي # قال: (لا يقتل المحرم الصيد، ولا يشير إليه، ولا يدل عليه)(٥).
  فلما ثبت ذلك عنهم ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه كان إجماعاً، ويؤكد ذلك ما في حديث أبي قتادة أن النبي ÷ قال: «هل أشرتم؟ هل أعنتم؟» ولا وجه إلا إيجاب الجزاء عندنا؛ إذ قد ثبت أنه لا تأثير لعدم الإشارة والإعانة في جواز الأكل، فكل ذلك يدل على وجوب الجزاء على الدال.
  ومما يدل على ذلك: أنا لا نختلف أن محرماً لو أمسك الصيد حتى يقتله الحلال أن عليه الجزاء، فكذلك الدال؛ لأن كل واحد منهما قد فعل السبب
(١) الأحكام (١/ ٣٠٠) والمنتخب (١٩٣).
(٢) الكري كغني: المكاري. (قاموس معنى).
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٢/ ٢٣) من طريق هناد، لكن فيه: اذهبا فاهديا شاة.
(٤) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٤١٦).
(٥) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٦٣).