شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 521 - الجزء 2

  المؤدي إلى قتله.

  فإن قاسوه على من دل آخر على قتل رجل حتى قتله أن الضمان على القاتل دون الدال؛ بعلة أنه لم يفعل إلا الدلالة - كان قياسنا أولى؛ لأن موضوع جزاء الصيد أن يلزم بالسبب والإعانة، ألا ترى أن المحرم لو طرد صيداً مع الحلال وقتله الحلال أنه يلزمه الجزاء؟ وليس كذلك حال الإنسان، فإن رجلين لو تعاونا على قتل رجل وباشر القتل أحدهما كان الضمان على المباشر دون من أعانه، وليس كذلك الحال في الصيد، فلما كان الأمر على ما وصفنا كان قياسنا أذهب في الباب الذي وضع عليه جزاء الصيد، فكان أولى.

  ومما يؤكد ما ذهبنا إليه: ما أخبرنا به أبو الحسين البروجردي، قال: حدثنا أبو بكر الدينوري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج ومحمد بن غالب بن حرب، قالا: حدثنا عارم، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود الأنصاري، أن النبي ÷ قال: «الدال على الخير كفاعله»، فجعل حكم الدال حكم الفاعل، فوجب أن يكون الدال على قتل الصيد كقاتله.

مسألة: [في وجوب القيمة مع الجزاء في صيد الحرم]

  قال: وإن كان في الحرم فعليه القيمة مع الجزاء، فإن أفزع بدلالته أو إشارته فعليه الصدقة بقدر ذلك، ولو أن محرماً قتل شيئاً مما ذكرناه في الحرم فعليه قيمة ما قتل مع الجزاء.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  اعلم أن هذه الجملة تشتمل على أن المحرم إذا قتل صيداً فعليه الجزاء، وهذا مما لا خلاف فيه، ونطق به نص القرآن، وقد مضى الكلام فيه، وعلى أن قتل


(١) الأحكام (١/ ٢٩٩، ٣٠٠) والمنتخب (١٩٢).