شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 539 - الجزء 2

  «هلم إلى الرخصة، عليك بكل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين»، فيحتمل أن يكون ما قاله # قد صار منسوخاً؛ إذ السائل سأله قبل، ثم جاء بعد ذلك إلى رسول الله ÷ على ما رواه معاوية بن قرة.

  فإن قيل: فقد روي أن علياً # أفتى به في أيام عمر⁣(⁣١)، فلو كان منسوخاً لم يفت به.

  قيل له: يحتمل أن يكون نسخ تعيين الوجوب فيه، وأنه لو أخذ به كان قد فعل أحد الواجبين، وينبه عليه قوله ÷: «هلم إلى الرخصة»، ويحتمل أيضاً أن يكون حكى الحكم فيه قبل أن ينسخ، فظن السامع أنه أفتى به، كما نقول ذلك فيما روي عنه علي # أنه قال: (لو كان الدين بالرأي لرأيت أن باطن الخفين أولى بالمسح من ظاهرهما، لكني رأيت رسول الله ÷ يمسح ظاهرهما).

  على أن ما ذهب إليه يحيى # أولى؛ لأن البيض مما له نفع عاجل، فاعتبار جزائه بما له نفع عاجل أولى من اعتباره بما لا نفع فيه عاجلاً، ولعله ألا يحصل آجلاً.

  وعلى أنه قياس سائر الأجزاء؛ بعلة أنه يجب أن يكون بما له نفع فيه حاصل. وهو أولى أيضاً من اعتبار القيمة؛ لأنه الجزاء المنصوص عليه، وهو أولى من اعتبار القيمة على ما سلف القول فيه من تقديم النص على الاجتهاد في مسألة العدول عن المثل⁣(⁣٢).


(١) أخرجه في مجموع زيد بن علي (١٦٣).

(٢) في (أ، ب، د): النهي. وفي (ب) مظنن بـ: المثل. وفي (د): المثل. نسخة.