باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  مسرح؛ قياساً على سائر الجنايات التي يضمنها السيد. ولا يعترضه ما يلزم العبد مما يفعله على سبيل العمد والتمرد؛ لأنا(١) لم نعلل لأعيان المسائل، وإنما عللنا لأن نبين أن لوجوب حمل السيد مسرحاً فيه. وأيضاً فهو مال لزم بسبب عقد راعى(٢) فيه إذن السيد من غير أن أثم العبد فيه، فوجب أن يلزم السيد ضمانه، دليله المهر والنفقة في النكاح.
  فإن قيل: فهذا يلزمكم في كفارة الظهار، وقد نص يحيى # في الأحكام(٣) على أنه لا يجزئ العبد فيها إلا الصيام.
  قيل له: أما العتق فليس يجوز أن يلزم العبد على وجه، ولا يصح أن يعتق السيد عنه؛ لأن العتق يوجب الولاء لمن أعتق، فامتناع حصول الولاء للعبد يمنع حصول العتق عنه؛ لأن ما منع حصول الحكم منع حصول العلة الموجبة له، وقد احترزنا من ذلك في قياسنا بقولنا: إنه لا يتضمن ما يجري مجرى النسب، والولاء جار مجراه.
  وأما الإطعام فلم يجوزه لأن العبد قادر على الصيام، ولا يجزئ الإطعام في كفارة الظهار إلا بعد العجز عن الصيام.
  فإن قيل: فيلزمكم هذا في العبد الذي يعجز عن الصيام.
  [قيل له](٤): فلا يمتنع أن نقول: إنه يجوز أن يتحمل عنه السيد الإطعام إن عجز عن الصيام.
  وأما كفارة اليمين فلا تعترض على ما قلناه؛ لأن الكفارات الثلاث لا تلزم إلا مع التخيير، ولا يصح تخيير العبد فيها؛ لما بيناه من أن العتق يمتنع وقوعه منه، وليس بعد الكفارات الثلاث إلا الصيام.
(١) في (أ): أنا.
(٢) في (أ): عبد يراعى.
(٣) الأحكام (٢/ ١٣١).
(٤) ما بين المعقوفين من (د) ونسخة في (ب).