باب القول في الإحصار وفيمن يأتي الميقات عليلا
  ولم يرو عن أحد من الصحابة خلاف ما روي عن هؤلاء، فصار كالإجماع.
  ولا معنى لقول من قال: إنه يأتي بباقي عمل الحج؛ لورود النص بخلافه.
  فإن احتج بقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ اُ۬لْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِۖ}[البقرة: ١٩٥].
  قيل له: من فاته الحج لا يصح أن يكون مخاطباً به؛ لأنه يؤدي إلى تكليف ما لا يطاق. على أنه إن ثبت ما ادعاه كان مبنياً على النص الذي روي عن النبي ÷.
  وأما لزوم الدم فالأصل فيه الخبر الذي ذكرناه، ولا خلاف أن المحصر يلزمه دم، فكذلك من فاته الحج، والمعنى أن كل واحد منهما فاته إتمام أركان ما دخل فيه بالإحرام، ويبين أن العلة في الأصل ما ذكرناه وجود الحكم بوجوده وعدمه بعدمه، ويؤيد قياسنا الاحتياط، وأنه يوجب نسكاً زائداً، وهو مستند إلى النص الذي لا يحتمل.
فصل: [في أن المحصر يجب عليه قضاء الحج إذا فاته]
  ذكر الهادي # في المنتخب حال المحصر وحكمه، وما يلزمه إن تخلص من إحصاره، وحكمه إن لم يلحق الحج، ثم قال بعد ذلك: وعليه الحج من قابل. فدل ذلك على أنه يوجب القضاء على المحصر.
  وهو قول زيد بن علي @، وبه قال أبو حنيفة.
  وقال الشافعي: لا قضاء عليه.
  والأصل في ذلك: قول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ اُ۬لْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِۖ}[البقرة: ١٩٥]، والمحصر قد دخل فيهما أو في أحدهما فعليه أن يتم، ولا يمكن الإتمام إلا بالقضاء.
  وروى هناد بإسناده أن رسول الله ÷ خرج معتمراً من العام المقبل في الشهر الذي صد فيه(١)، فكانت عمرة القضاء.
(١) في (ب، ج، د): عنه.