باب القول في الحج عن الميت
باب القول في الحج عن الميت
  إذا أوصى الميت أن يحج عنه لزم الوصي ذلك، ويكون من ثلث ماله، وإن حج عنه من غير أن يكون أوصى به فالحج لمن حج.
  نص في كتاب الوصايا من الأحكام(١) أن الحج لا يجزي عن الميت إلا أن يكون أوصى به، وإن حج عنه من غير أن يكون أوصى فالحج لمن حج.
  ونص فيه على أن كل من أوصى بأكثر من ثلث ماله فالأمر في الزائد إلى الورثة(٢).
  فوجب(٣) بظاهر قوله أن يكون الحج وغيره في ذلك(٤) سواء، على أنه نص في الفنون(٥) على أن الحج من الثلث.
  وإنما قلنا: إن من حج عن الغير بغير أمره لا يقع عنه؛ لقول الله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَيٰۖ ٣٨}[النجم]، فإذا لم يكن له سعي في الحج فيجب ألا يكون الحج له، وقد قال ÷: «وإنما لامرئ ما نوى»، وهو لم ينو الحج، فوجب أن يكون الحج له.
  وروي عنه ÷ قال: «من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً» وقد علمنا أن الحج لا يقع عمن مات يهودياً أو نصرانياً، فكذلك من لم يحج ولم يوص به.
  فإن قيل: إنه ÷ لم يستثن من أوصى.
  قيل له: قد حصل ذلك مستثنى بالإجماع.
  فإن قيل: إن رجلاً أتى رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله، إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه؟ قال: «نعم حج عن أبيك، أرأيت لو كان على أبيك دين
(١) الأحكام (٢/ ٣٢٩).
(٢) الأحكام (٢/ ٢٧٨، ٣٣٤).
(٣) في (أ) ونسخة في (ب): فدل. وفي (ج): فظاهر قوله.
(٤) في (أ، ج): أن يكون الحج في ذلك وغيره سواء.
(٥) الفنون (٦٧٠).