شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الهدي

صفحة 597 - الجزء 2

  فقد روى هناد بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: من نذر بدنة فلا ينحرها إلا بمنى أو بمكة، ومن نذر جزوراً فلينحرها حيث شاء.

  والوجوه التي توجب كون النحر بمنى أو بمكة وجوه مخصوصة كلها مرتفعة عن الدم الذي يجب لنسيان السعي؛ لأن الذي يجب إراقته بمنى أو بمكة هو الذي يجبر نقص الإحرام أو يقع فيه الخلل، أو يرفع به بعض أحكام الإحرام، أو يكون الإيجاب قد تضمن أن يكون ذلك بمنى ومكة، نحو أن يجعلها هدياً، وكل ذلك غير حاصل في الدم الذي ذكرناه، فوجب ألا يتخصص بموضع دون موضع.

  وإن شئت حررت القياس فيه فقلت: هو دم لم يخصصه الموجب بمكان، ولم يجبر⁣(⁣١) به الإحرام، ولم يقع به التحليل، فأشبه واجب الأضحية.

  ويمكن أن يقال: إنه لم يقف عليه شيء من أمر الإحرام، ولم يعلق بمكان، فأشبه الأضحية.

  يؤكد ما ذهبنا إليه: أنه دم قصد به التخفيف، فكان ما ذهبنا إليه أذهب في الطريقة التي وضع عليها، فكان أولى.

  فإن قيل: فدم الإحصار أيضاً موضع للتخفيف؛ لأنه يتحلل به، ومع هذا لا تجوزونه في غير الحرم.

  قيل له: نحن لم نجعل ما ذكرناه علة فتناقض بما⁣(⁣٢) سألت عنه، وإنما أوردناه ترجيحاً وبياناً لأنه أذهب في طريقته، فلا معترض بما ذكرت علينا.


(١) في (أ، ب): يخص. وفي (ب): يجبر. نسخة.

(٢) في (أ، د): فتناقض هذا بما.