باب القول في الهدي
مسألة: [فيمن بعث بهديه مع قوم وواعدهم يوماً يقلدونه فيه وتأخر هو]
  قال: فلو أن قارناً أو متمتعاً بعث بهدي مع قوم وأمرهم بتقليده في يوم بعينه، وتأخر هو لزمه الإحرام في ذلك اليوم بتقليدهم بدنته.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  والأصل فيه: الحديث الذي ذكرناه بإسناده في صدر هذا الكتاب أن النبي ÷ كان جالساً في المسجد فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه، فنظر القوم إليه ÷ فقال: «إني أمرت ببدنتي التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر، فلبست قميصي ونسيت».
  وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبدالوهاب(٢) الثقفي، عن جعفر، عن أبيه، أن علياً # وعمر وابن عباس كانوا يقولون في الرجل يرسل ببدنته: «إنه يمسك عما يمسك عنه المحرم»(٣).
  فإن قيل: فقد روى عن عائشة قالت: كنت أفتل القلائد لهدي رسول الله ÷ فيقلد هديه، ثم يبعث به، ثم يقيم، ولا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم(٤).
  قيل له: يجوز أن يكون ذلك إذا لم يكن أراد الإحرام به، وأن يكون ما ذكرناه إذا بعث الهدي وهو عازم على الإحرام؛ ليكون جمعاً بين الأخبار. يؤكد(٥) ما ذكرناه: ما رواه ابن أبي شيبة بإسناده عن عطاء عن ابن عباس قال: إذا قلد الهدي صاحبه يريد العمرة أو الحج فقد أحرم(٦).
(١) الأحكام (١/ ٣٠٧).
(٢) في (أ، ج): ابن عبدالوهاب. وفي (ب): حماد بن عبدالوهاب.
(٣) المصنف (٣/ ١٢٨).
(٤) أخرجه النسائي (٥/ ١٧١) وأخرج نحوه البخاري (٢/ ١٧٠) ومسلم (٢/ ٩٥٨).
(٥) في (د): يؤيد.
(٦) المصنف (٣/ ١٢٦) ولفظه: إذا قلد الهدي وصاحبه ... إلخ.