باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن
  الزوج الأول بين امرأته وبين الصداق، فإن شاء أخذ الصداق وترك للآخر امرأته، وإن شاء أخذ امرأته»، وقال علي #: (يفرق بينها وبين الزوج الآخر، وتعتد بثلاث حيض، وترد على الأول، ولها الصداق بما استحل من فرجها).
  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ مثل(١) ذلك(٢). وهو الصحيح؛ لأن غلط من غلط لا يبطل النكاح الثابت، ألا ترى أنه لو كان ماله اقتسم فلا التباس أنه إذا رجع استرجعه ممن هو في يده، ولم يبطل ملكه؟ فكذلك النكاح.
  فأما ما ذهب إليه عمر من التخيير فهو مما لا معنى له؛ لأن الإنسان يصح أن يخير بين شيئين إذا كان التعلق بينه وبين كل واحد منهما على سواء، وكان يمت إلى كل واحد منهما بسبب واحد، وقد علمنا أن نكاحه عليها ثابت، والمهر لا يملكه بوجه من الوجوه، وإنما هو كسائر أملاك المرأة، فكيف يصح أن يخير الإنسان بين ما يملكه ملكاً صحيحاً وبين ما لا يملكه على وجه من الوجوه؟ اللهم إلا أن يكون ذلك على وجه الصلح، فأما على طريق الإلزام فلا معنى له.
  وقلنا: إن لها المهر بما استحل من فرجها لأنه قد حصل الوطء بنكاح شبهة، ولا خلاف أن المهر يجب فيه وفيما جرى مجراه، وهو قول علي #.
  وقلنا إنه لا يقربها الأول حتى تستبرئ من ماء الثاني لأنه لا خلاف أن الوطء الذي يقع بالشبهة يوجب العدة، وقد أفتى به أمير المؤمنين # على ما سلف.
  ووجه قولنا: إن الأول إن طلقها قبل أن تضع فعليها أن تعتد بعد الوضع من الأول، وذلك أن العدة لا تتداخل؛ لأن كل واحدة منهما حق لغير من الأخرى حق له، وسنبين الكلام في مسألة المعتدة إذا تزوجت.
(١) في (د): نحو.
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢٢٤).