كتاب النكاح
  الله ÷: «البغايا اللاتي يزوجن أنفسهن بغير ولي، ولا يجوز إلا بولي وشاهدين».
  وحديث ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال النبي ÷: «لا تُنْكِحْ المرأةُ المرأةَ، ولا تُنْكِحْ نفسها»(١). فهذه الأخبار كلها نصوص تصرح بما ذهبنا إليه.
  فإن قيل: المرأة البالغة العاقلة ولية نفسها، فإذا تزوجت كان ذلك نكاحاً بولي، فلا نكون خالفنا الآثار الواردة.
  قيل له: هذا التأويل يسقط من وجوه، أحدها: أن اسم الولي لا يتناول من يلي أمر نفسه لا من طريق اللسان ولا من طريق الشرع، وإنما يتناول هذا الاسم من يلي أمر غيره، يحقق ذلك [أن] قوله ÷: «الأيم أحق بنفسها من وليها»(٢) يوجب أن يكون وليها غير نفسها، خلاف ما قال أبو حنيفة، وحتى لا يكون كقوله: أحق بنفسها من نفسها، وهذا محال.
  ومنها قوله(٣) ÷: «أيما امرأة تزوجت بغير ولي فنكاحها باطل»، فجعلها غير وليها، وكذلك قوله ÷: «البغايا اللاتي يزوجن أنفسهن بغير ولي»، فكل ذلك يسقط هذا التأويل.
  فأما تعلق المخالف بأن في هذه الأخبار مراسيل فلا وجه له؛ لأنه لا خلاف بيننا وبين المخالف لنا في هذه الأخبار(٤) أن المراسيل مقبولة.
  وربما قالوا: روي عن ابن جريح أنه قال: ذكرت حديث سليمان بن موسى عن الزهري في هذا الباب للزهري فلم يعرفه(٥). وهذا لا معنى له؛ لأن الزهري
(١) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٣٢٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ١٧٨).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ١٠٣٧) والترمذي (٢/ ٤٠٧).
(٣) في (أ، ج): أن قوله.
(٤) كذا في المخطوطات، ولعل الصواب: في هذه المسألة.
(٥) في المخطوطات: يرفعه. والمثبت هو الصواب كما في مسند أحمد (٤٠/ ٢٤٣) والمستدرك (٢/ ١٨٢) وغيرهما.