شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 57 - الجزء 3

  عقد نكاح، فوجب ألا يصح إلا بالولي. ولا خلاف أيضاً أنها لو أرادت أن تضع نفسها في غير كفء لم يتم ذلك إلا بالولي⁣(⁣١)، فكذلك إذا وضعت في الكفء، والمعنى أنه عقد يفتقر إلى الشهادة، أو يقال: إنه عقد نكاح.

  فإن قيل: إنها تملك بدل بضعها وتتصرف فيه، فوجب أن يصح تصرفها في البضع، كالثمن والمثمَّن.

  قيل له: هذا منتقض؛ لأن ولي الدم يملك بدل الدم من الدية ويتصرف فيها وإن كان لا يملك المبدل ولا يتصرف فيه.

  فإن قيل: الولاية تثبت عليها في حال الصغر على نفسها ومالها، فإذا بلغت وجب أن تنقطع الولاية عن نفسها كما تنقطع عن مالها؛ لاجتماعهما جميعاً في جواز التصرف عليها في ذلك. وقاسوا الأنثى على الذكر بوجوب انقطاع الولاية عند البلوغ.

  قيل له: لا خلاف أن حكم المال في هذا الباب ليس هو حكم النكاح، وأن حكم الذكر في النكاح ليس هو حكم الأنثى؛ لأن المرأة إذا بلغت وضعت مالها حيث شاءت، ولم يبق ولاية تمنع من ذلك، وكذلك الذكر إذا بلغ تزوج من شاء، وليس لأحد من الأولياء أن يمنعه من ذلك، والمرأة إذا أرادت أن تضع نفسها في غير كفء كان للولي أن يمنع من ذلك، فبان أن حكم الولاية على النساء في النكاح لا ينقطع وإن انقطع عن المال والذكور. على أن قياسهم لو ثبت لكان يكون قياسنا أولى؛ للحظر، والاحتياط، ولأنه يوجب حكماً شرعياً، ولأن النصوص القاطعة تعضده، وكذلك إجماع الصحابة، ولأنا وجدنا النكاح قد قصر فيه حال النساء عن حال الرجال؛ بدلالة [أنها] إذا أرادت وضع نفسها في غير كفء مُنعت من ذلك، وأن العقد يمضي على البكر البالغة بغير عبارة منها


(١) في (د): بولي.